أن تكون ملفقا وكاذبا في خضم حملة انتخابية.. قد يكون الأمر مقبولا إلى حد ما .. ولكن أن تكون أيضا عنصريا وجاهلا بالتاريخ.. هذا ليس شيئا غير مقبول ومرفوض ومستهجن، لاسيما أن تكون سياسيا مرموقا في أكبر دولة في العالم. هذه هي الأوصاف تنطبق تماما على المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية نيوت غينغريتش صاحب التصريحات التي زعم فيها أن الفلسطينيين مجموعة إرهابيين وشعب تم اختراعه. يقال في الحرب والانتخابات يكثر الكذب وقد نتفهم حملة الكذب التي أطلقها غينغرتش، ولكن الذي لا نستطيع فهمه أن يتم ذلك في إطار المزايدة السياسية القذرة على حساب القيم الأمريكية، والأعراف والقوانين الدولية، والقضايا المشروعة. إن الشعب الفلسطيني الذي زعم غينجيريتش أنه تم اختراعه، عاش على هذه الأرض قبل الأديان ب3 آلاف عام، ولديه تراث وتاريخ عميق، ولا يمكن أن يتجاهله غينغريتش أو غيره ، ولن تؤثر عليه مثل هذه التفوهات والادعاءات الباطلة. وإذا كان غينغيريتتش جاهلا فهذه مصيبة، لأنه يفترض بشخص على وزنه كان رئيسا لمجلس النواب، وقياديا رفيعا في الكونجرس أن يكون لديه وعي وإدراك سياسي معمق بحقائق التاريخ. وإن كان غينغريتش أطلق هذه التصريحات لأهداف سياسية فالمصيبة أعظم وأعظم، لأن ما صدر عنه يعكس توجها حاقدا ورخيصا للحصول على حفنة أصوات الناخبين على جثث الفلسطينين وقضاياهم، وأن يشتري أصواتهم مقابل بيع القيم الأمريكية، والتنكر للقانون والأعراف وقرارات الشرعية الدولية. فلسطين الجغرافيا والشعب حقيقة لن يغير غينغريتش وكل الحملات الانتخابية من هذا الواقع التاريخي، ألم يدرك هذا السياسي أن هذه القضية تحطمت على عتبتها كل السياسات الأمريكية السابقة، وأنها كانت الاختبار الحقيقي لكل الزعماء الأمريكيين منذ أن بدأت الدبلوماسية الأمريكية تتعامل مع قضايا الشرق الأوسط مطلع القرن الماضي، مثل هذه التصريحات الرخيصة ترسل رسائل خاطئة عن الولاياتالمتحدة ودورها كوسيط في عملية السلام في الشرق الأوسط، خصوصا في ظل بيئة سلمية عالمية خالية من الحقد والكراهية.. لكن لن تزيد هذه التصريحات الشعب الفلسطيني إلا صلابة في الحق. لقد بدت البغضاء من أفواه الحاقدين، ولكنها لن تحبط عزيمة الشرفاء والمناضلين.