تعمل وزارة التعليم العالي عبر مسارين مهمين، أحدهما يمثله مشروع الابتعاث الخارجي الذي قطعت فيه شوطا مهما بعد فتحها مجال الابتعاث إلى دول عديدة شرقا وغربا، وفي ذات الوقت أنجزت مشروعا ضخما لتوسع التعليم العالي في الداخل بإنشاء عدد كبير من الجامعات أصبحت تغطي كل مناطق المملكة. هذه الحقيقة لا يمكن غمطها، وفي قناعتي الشخصية أن وزارة التعليم العالي من أكثر الوزارات التي استثمرت ميزانياتها لتقدم مشاريع حقيقية، لا وعودا وأحلاما.. وإذا كانت الوزارة قد اجتهدت في اختيار جامعات الابتعاث وفق المعايير الأكاديمية المتميزة التي تحققت لتلك الجامعات، فإن التوسع الكمي لجامعات الداخل لا يعفيها أبدا من الالتزام بمعايير الجودة والتميز النوعي، حتى في الجامعات حديثة الولادة، فكيف إذا كان الحديث عن الجامعات العتيدة التي أسست للتعليم العالي في المملكة. منذ بداية هذا الأسبوع والحديث الأبرز لصحافتنا هو تقرير مجلة ( ساينس) عن قيام بعض جامعاتنا الشهيرة بممارسات تتعارض مع الأعراف والضوابط الأكاديمية والأخلاقيات العلمية من أجل رفع درجة تصنيفها الأكاديمي، تتمثل باستقطاب وهمي لرموز علمية شهيرة بدفع مكافآت عالية دون أن تكون لهم مشاركات فعلية، أو حتى حضور وتواجد في تلك الجامعات. وقضية كهذه هي قضية خطيرة من حيث المبدأ، لأنها تتعلق في النهاية بالمصداقية والأمانة العلمية، والأهم من ذلك أنها تحدد تصورنا لنوعية المنتج الذي يتخرج منها إذا كانت ارتضت القيام بهذه الممارسة، ولكن في نفس الوقت ليس من الموضوعي ولا المنطقي أن ننحاز كليا إلى ذلك التقرير رغم خطورته قبل معرفة كل التفاصيل والحيثيات المتعلقة به، لكن للأسف الشديد كانت تصريحات بعض المسؤولين في الجامعات سطحية وانفعالية وإنشائية، لا تتناسب أبدا مع أهمية القضية وخطورتها، إذ يصعب علينا استيعاب أقوال على شاكلة أن جامعاتنا مستهدفة، أو أن التقرير مجرد ترجمة لبعض المقالات السابقة في صحفنا كانت تشكك في قفز بعض الجامعات من مرتبة متدنية في تصنيفها إلى مرتبة متقدمة خلال فترة وجيزة ودون تحقيق إنجازات مهمة تفسر وتبرر هذه القفزة العالية السريعة.. مثل هذا الطرح تبسيط مخل لقضية خطيرة تتعلق بأهم ركائز تطور وتنمية المجتمع، ولأننا نحرص على سمعة جامعاتنا وجودة تعليمنا العالي، ولا نريد أن تهتز ثقة المجتمع به فإننا نرجو من معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، الذي نعرف شفافيته وتواصله الدائم مع المجتمع، وحرصه الشديد على جودة التعليم الجامعي أن يوضح لنا الحقيقة مهما كانت وبشكل عاجل، لأنها قضية وطن قبل أن تكون سمعة جامعات. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة