تعرفت على عباس محمود العقاد في بداية المرحلة الثانوية فتبين لي من ملامح وجهه وكلامه أنه فيلسوف من الدرجة الأولى ويملك عمقا في فكره وبعدا في طرحه وكنت لحداثة سني عندما بدأت أقرأه أتجنبه لأنه غير مباشر فيما يناقشه ويفلسف الأمور كما يقولون وبعد أن غيبه الموت وتنامى النضج لدي أبحرت معه في مجموعة من كتبه فوجدت فيه مشتهاي وتعلمت منه شيئا من فلسفة الأمور فهو عندما يقول «محمد النبي» غير «النبي محمد» وعندما يقارن بين أبي بكر وعمر فيقول «أبو بكر صدق فآمن أما عمر فآمن ثم صدق» يعني ما يقول وعلى القارئ أن يستوعب ما يهدف إليه، تدرجت معه في حياته منذ طفولته وهو ابن ثلاث سنوات حيث هو في هذا العمر وجدته الوحيد من الأدباء ممن أعرف من له قدرة على أن يتذكر لأنه من الناحية البيولوجية يصعب على الإنسان أن يتذكر أحداث ما قبل الثالثة من العمر إلا حالات نادرة ولو حاول أي قارئ أن يتذكر أي شيء ما قبل ثلاث سنوات فإنه لا يستطيع بينما العقاد في كتابه «أنا» يتذكر . لقد وزع العقاد سيرته الذاتيه إلى مراحل واعتبر كل مرحلة شبه فاصل فمرحلة الأربعين غير مرحلة الخمسين غير مرحلة الستين غير مرحلة السبعين وكتابه «أنا» لم يكن سردا مجردا جافا عن شخصيته ففيه يتحدث عن منهجه في كتابة المقالات وتأليف الكتب وماهي الأشياء التي جعلت منه كاتبا ويتحدث عن أحرج ساعة في حياته وعن الأصدقاء والأعداء وصداقة الأطفال وخواطره في الصحة والمرض وعن أجمل أيامه وفلسفته في الحب والحياة، إن العقاد صاحب فلسفة تنبع من ذاته وكلماته وأفكاره يستفرغ الجهد في توصيل ما يصبو إليه من فكر فلسفي إلى كل من يقرأه بطريقة سلسة ولا يكفي أن يحكم عليه من خلال قراءات سريعة ومبتورة بأنه صعب المنال وبعيد الوصال. من خلال قراءة «أنا» العقادية وكتبه المختلفة أدعو الباحثين إلى إظهار أدب العقاد والاستفادة من فلسفته وما جاء في كتبه من نظرات ووقفات خاصة أنها واجهت الغير بفكر أصيل في زمن تنازعته أفكار شرقية وغربية. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 120 مسافة ثم الرسالة