لم تفق إسلام آباد من الأزمة التي أطلق عليها «الميمو جيت»، بعدما كشف عن إرسال السفير الباكستاني في واشنطن حسين حقاني، مذكرة سرية للرئيس الأمريكي لكسب دعم واشنطن في التصدي للجنرالات وعزلهم، تحسبا لانقلاب عسكري محتمل عقب قتل قوة أمريكية خاصة أسامة بن لادن في شهر مارس الماضي، حتى دخلت في أزمة مماثلة مع قوات الأطلسي والإدارة الأمريكية، بعد قيام الناتو بقصف معسكر باكستاني نتج عنه مقتل 26 جنديا باكستانيا. ومن المؤكد أن القرار الذي اتخذته باكستان بتجميد تحالفها العسكري مع الأمريكيين، سيؤدي إلى تعقيد مهمة واشنطن في مواجهة حركة طالبان والقاعدة الغارقة في المستنقع الأفغاني والباكستاني، خاصة بعد قرارها إخلاء قاعدة «شمسي» الباكستانية التي كانت تستخدمها القوات الأمريكية لإطلاق طائرات التجسس الأمريكية لشن هجمات جوية على منطقة القبائل الباكستانية وفي الداخل الأفغاني. في الأزمة الأولى يبدو أن الإدارة الباكستانية كانت تخطط لاستبدال رؤساء الاستخبارات بأشخاص مقربين من مؤسسة الرئاسة، مقابل إعطاء الأمريكيين ضوءا أخضر لمحاربة حركة «طالبان» في مناطق القبائل. أما في الأزمة الثانية فإن إسلام آباد مازالت مصرة أن يقدم الناتو وواشنطن الاعتذار عن مقتل الجنود الباكستانيين ال 26، وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن، إذ أصبح الباكستانيون يتعاملون مع واشنطن كخصم أكثر منه كشريك عسكري. لقد أدخل حادث الناتو و«الميمو جيت» التحالف بين واشنطن وإسلام آباد في خندق مظلم. وفي كل أزمة تبدو للوهلة الأولى كقطرة الماء التي ستجعل الكيل يطفح في باكستان التي دفعت ثمنا كبيرا لتحالفها مع الأمريكيين. ويثير انعزال إسلام آباد عن أفغانستان بعد قرارها مقاطعة مؤتمر بون، قلق الغربيين الذين يعترفون بأنهم الآن أكثر حاجة لمساعدة باكستان لهم، مما مضى لدفع طالبان الى التفاوض وتجنب حرب أهلية بعد انسحاب قوات الأطلسي من أفغانستان عام 2014. أن الأمر يتطلب من الطرفين الأمريكي والباكستاني الالتقاء في منطقة وسط لحل خلافاتهما فكلاهما يحتاج للآخر وليس الفكاك منه.