عندما صدرت إرادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أميرا لمنطقة مكةالمكرمة، تصدرت أربعة ملفات اهتمامات الأمير، وكانت هذه الملفات تمثل هاجسا رئيسا لإنسان محافظة جدة، أهلها الذين أعلنوا في أول لقاء جمعهم بالأمير خالد الفيصل أن عليه أن يولي هذه الملفات الأربعة عناية خاصة وجهدا كبيرا كونها تشكل هما رئيسيا للإنسان والمكان أثقل كاهل المحافظة منذ ربع قرن. البداية من حل مشكلة بحيرة الصرف الصحي التي أسموها بحيرة المسك وتمتد مساحتها بنحو 2.5 مليون متر مربع فيما تقدر كمية المياه الموجودة فيها بنحو عشرة ملايين متر مكعب، ثم مردم النفايات القديم الذي أحدث تلوثا واضحا في سماء العروس، فيما مشكلة نقص المياه تزداد تعقيدا، وأخيرا شبكة الصرف الصحي التي لا تكاد تغطي سوى 22 في المائة من المحافظة. وبدأت المهمة لأمير منطقة مكة لمواجهة هذه المشكلات العاجلة، فضلا عن التخطيط لتنمية المنطقة، لكنه قبل أن يبدأ بالتغيير في الخارج، بدأ من الداخل بإحداث تغيير في هيكلة الإمارة وإضافة وكالة وإدارات جديدة تكون ذراعه في إحداث التغيير المنتظر للمنطقة. وتبعا لذلك، استحدث أمير منطقة مكة وكالة الإمارة لشؤون التنمية، كما أضاف إدارات مهمة وحيوية، مثل إدارة الدراسات والعلاقات العامة التي تربط الإمارة بالمجتمع، وكذلك إدارة متابعة تنفيذ الأحكام التي نجحت في إنهاء تكدس 18 ألف حكم لتصبح أحكاما نافذة وبنسبة 90 في المائة، فضلا عن إدارة أخرى مثل إدارة متابعة المشاريع وتنفيذها وغيرها. وفي المقابل، أشركت الإمارة مجتمع المنطقة بكافة فئاته لوضع استراتيجية حدد تنفيذها في مدة عشرة أعوام، إلا أن الأمير خالد الفيصل الذي استمع إلى مطالب الأهالي بضرورة إنهاء تلك المشكلات المزمنة في جدة بطريقة سريعة، وجه بتمديد خطة استثنائية حددت بأربع سنوات، للقضاء عليها بطرق عصرية وعلمية من خلال تضافر جهود الجهات الحكومية التي لها علاقة بالمشروع. وكان الأمير خالد الفيصل أوضح في تصريح صحافي بمطالبة الأهالي المتكررة له لإنهاء هذه المشكلات الأربع، وهو الأمر الذي أخذه بمحمل الجد لينجح أخيرا في إنهائها في الوقت المحدد. النتيجة النهائية في أربعة أعوام كانت كالتالي: جففت بحيرة الصرف الصحي وعولج خطرها البيئي وأعيدت معالجة مياهها بالطريقة الثلاثية بحيث تمت الاستفادة من مياهها في ري المزارع، أما مرمى النفايات فقد أزيل تماما وتم التخلص من آثاره البيئية السيئة، فيما زادت طاقة ضخ المياه بنسبة 100 في المائة من 550 ألف متر مكعب يوميا إلى 1.1 مليون متر مكعب، وأخيرا دشن الأمير خالد الفيصل منظومة الصرف الصحي شاملة التوصيلات المنزلية بحضور وزير المياه والكهرباء، معلنا بذلك الانتهاء من المشاريع التي تنهي المشكلات التي طالبه بها أهالي جدة. طموح الأمير خالد الفيصل لمدينة جدة الواثبة لمشاريعها لن يتوقف عند مطالب الأهالي، بل هي مقبلة على ورشة عمل كبرى، تشمل: قطار الحرمين، المطار الجديد، الاستاذ الرياضي، تطوير الكورنيش، تطوير الطرق والأنفاق والجسور، الأحياء العشوائية، ومعالجة أمطار المياه وتصريف السيول. تجفيف بحيرة المسك (بحيرة المسك)، كما أطلق عليها أهالي جدة هذه المسمى، لبيان حجم معاناتهم للروائح المنبعثة منها، فضلا عن تهديد تسرب المياه منه وانهيار السد الترابي في أي لحظة لارتفاع منسوب مياه الصرف فيها، أنشأت في منتصف الثمانينات وتقع شرق الخط السريع، وكانت حينها حلا مؤقتا لعدم اكتمال شبكة مياه الصرف الصحي، حيث يفرغ فيها يوميا 1200 صهريج وعلى مدار الساعة، لتتحول بذلك إلى أكبر بحيرة اصطناعية في المملكة وترتفع بنحو 125 قدما فوق سطح البحر. ميدانيا، مر التخلص من بحيرة الصرف الصحي بمراحل عدة، والتي يقول عنها الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية المهندس لؤي المسلم إن الشركة تسملت الموقع وأجرت دراسات مسحية عليها، فقدرت مساحتها ب2.5 مليون متر مربع، فيما تقدر كمية المياه الموجودة بنحو 10 ملايين متر مكعب والمنسوب يصل إلى ثمانية ملليمترات، وهذا الأخير كان سببا رئيسا في قلق أهالي الأحياء القريبة منها، فزيادة المنسوب يعني انهيار الحاجز الترابي لها. وتبعا لذلك، باشرت شركة المياه بحسب المهندس المسلم إعداد الدراسات اللازمة لمعاجلة البحيرة والتخلص منها نهائيا، وتعاقدت مع إحدى الشركات لتجففها ومعالجة الحمأة بالطرق الفنية السليمة بقمية 95 مليون ريال. ويوضح المسلم أن شركته باشرت أيضا بتشغيل محطة المياه المعالجة القائمة بجوار البحيرة بكامل طاقتها الاستيعابية والمقدرة بنحو 60 ألف متر مكعب يوما، كما بدأت بضخ كميات من مياه البحيرة إلى بحيرات التبخير ومحطة المعالجة عبر خط ناقل بقطر 600 ملم. وفي 8/11/1431ه أعلن وزير المياه والكهرباء إنجاز عملية تجفيف بحيرة الصرف الصحي ومعالجة الرواسب وتسوية أرضها خلال ثلاثة أشهر فقط، مؤكدا أن جميع بحيرات التبخير جافة من المياه، كما تم جمع 205 عينات من أرض البحيرة بعد معالجة الرواسب، بغرض التأكد من سلامة أرضية البحيرة. 27 عاما من التلوث أنهى مشروع إغلاق المردم القديم للنفايات الواقع شرق مدينة جدة 27 عاما متواصلة من معاناة أهالي الأحياء السكنية القريبة، الناتجة عن التلوث البيئي، بعد تزايد مخاطره البيئية والصحية على سكان الأحياء القريبة، والاستفادة من غازات المردم استثماريا بتحويلها إلى طاقة كهربائية، مع العمل على تحويل الموقع إلى متنفس عام للأهالي، استجابة لرغباتهم. ويوضح مدير عام الإدارة العامة لمشاريع النظافة في أمانة جدة المهندس يوسف خلاف أن أمانة محافظة جدة، وبتوجيهات من الأمير خالد الفيصل، حرصت على إنجاز مشروع إغلاق المردم القديم البالغة مساحته 2.3 مليون متر مربع، مع الالتزام بتطبيق معايير بيئية ومواصفات هندسية صارمة، تجنب سكان المناطق المحيطة بالموقع خطر التعرض لأية آثار بيئية وصحية مستقبلا. ويعتبر المردم القديم مردما غير معزول منذ إنشائه مردم غير هندسي، يقع في منطقة بريمان «شرق الخط السريع»، واستمر العمل فيه كمردم للنفايات بين العامين 1980 و2007، استقبل خلالها نحو أربعة آلاف طن من النفايات يوميا، من دون تطبيق أية معايير من تبطين وإنشاء شبكات تجميع «رشيح» أو غازات وخلافه، ما خلف أضرارا بيئية عديدة في المنطقة منها الحرائق، وارتشاح المياه على السطح، والروائح الكريهة. وهنا يقول خلاف: إن أمانة محافظة جدة اعتمدت على توصيات ونتائج دراسة تقويم الأثر البيئي، في تكليف استشاري متخصص (شركة سيرس أسوسيتس جلف)، بتجهيز التصاميم وكراسة الشروط والمواصفات لمشروع غلق المردم القديم، مشيرا إلى أن التصاميم تضمنت تخصيص مليون متر مربع لتكون ملعب جولف ومتنفس عام لسكان جدة، وبناء على ذلك تم تحديد كميات مواد العزل من قبل الاستشاري لتغطية وعزل ما مساحته مليون متر مربع فقط (مساحة ملعب الجولف المقترح). وتبعا لذلك والحديث لخلاف تمت ترسية مشروع تنفيذ غلق المردم على شركة مقاولات متخصصة بقيمة 29.3 مليون ريال، وابتدأ العمل في المشروع في إبريل 2009 وتم الانتهاء من تنفيذه في ديسمبر 2010م، ليتم إغلاق المردم حسب المواصفات العالمية. كما أسهمت جهود الشركة الوطنية للمياه في مضاعفة كميات ضخ المياه يوميا في مدينة جدة بنسبة 100 في المائة، من 550 ألف متر مكعب يوميا قبل بدء أعمال الشركة في العام 2008 إلى 1.1 مليون متر مكعب يوميا في العام 2011، وتلاشت بذلك طوابير الانتظار الطويلة لأهالي المدينة في محطات التوزيع للحصول على صهاريج المياه. وكشف تقرير رسمي لشركة المياه الوطنية أن أكثر من 60 في المائة من أحياء مدينة جدة تتم تغذيتها بالمياه، من خلال الضخ اليومي والمتواصل، ومنها أحياء شرق الخط السريع وجنوب شرق جدة، وكذلك أحياء شمال جدة، ومنها: حي الصفا، الربوة، المروة، الفيحاء، النزهة، البوادي، والفيصلية، مؤكدة أن هذه النسبة سترتفع إلى 80 في المائة بنهاية العام الحالي. وعن آلية توزيع المياه الواردة، أوضح التقرير أن نحو 950 ألف متر مكعب توزع عبر شبكة المياه لأحياء مدينة جدة، بنسبة تصل إلى نحو 95 في المائة من النطاق العمراني الأول والثاني للمدينة، فيما توزع كمية تقدر ب150 ألف متر مكعب بواسطة صهاريج المياه، من نقاط التعبئة المتفرقة في المدينة. منظومة الصرف الصحي يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية المهندس لؤي المسلم أن مشروع الصرف الصحي في جدة تأخر لنحو 30 عاما، وهو اليوم ينطلق بخطى واعدة برعاية كريمة من الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وسيكون العام 2015م هو موعد انتهاء منظومة المشاريع. ويستعرض المسلم مشاريع التوصيلات المنزلية لمياه الصرف الصحي في جدة خلال الأعوام الأربعة المقبلة، بالإشارة إلى أنه يشمل إيصال خدمات توصيلات الصرف الصحي إلى 132 ألف منزل، بدأت المرحلة الأولى منها في الربع الأخير من العام الميلادي الجاري ببدء تنفيذ مشروع 8000 توصيلة تخدم أحياء عدة من بينها: الفيصلية، الربوة، السلامة، والبوادي، فيما ستبدأ في الربع الأول من العام المقبل مشاريع إدخال 52 ألف توصيلة صرف صحي للمنازل للأحياء الواقعة في المنطقة الشمالية الوسطى وفق خطة زمنية محددة ستستفيد منها الأحياء الواقعة من شارع فلسطين جنوبا، وحدود الصالة الملكية شمالا، والمعروف بالأحياء الشمالية الوسطى للمرحلة الأولى في جدة، ومنها الصفا، النزهة، الروضة، الخالدية، الشاطئ، العزيزية، الرويس، الأندلس، الرحاب، مشرفة، النعيم، الزهراء، النهضة، بني مالك، الواحة، السالمية، النخيل، أبرق الرغامة، النسيم، الفيحاء، قويزة، عبيد الصاعدي، التشليح، المحمدية، المرجان، البساتين، السامر، الربيع، والتوفيق، فيما سيتم منتصف العام 2013م البدء في تنفيذ 72 ألف توصيلة منزلية إضافية، ليصبح الإجمالي بنهاية العام 2015م 132 ألف توصيلة منزلية ودخولها حيز الخدمة تدريجيا. وتشمل مشاريع الأنفاق والشبكات الرئيسية والفرعية إنهاء خطوط النقل لمياه الصرف الصحي ضمن المنظومة المتكاملة، حيث تم الانتهاء من أكثر من 1500 كيلو متر، وتبلغ أطوال خطوط الشبكة الفرعية للصرف الصحي 1945 كيلو متر تم إنجاز ما يقارب 70 في المائة منها حتى الآن وبتكلفة 1.15 مليار ريال، كما تم الانتهاء من إنجاز 206 كيلو مترات من الشبكات الرئيسية وبتكلفة 610 ملايين ريال، والتي تصب بدورها في خطوط الأنفاق التي تتراوح أقطارها من 2000 ملم إلى 3500 ملم، بهدف نقل مياه الصرف الصحي عبر 20 كيلو مترا من الأنفاق والتي تم إنجازها وبتكلفة تقديرية 500 مليون ريال، تمتد من نفق حي الأندلس بطريق الملك عبدالعزيز إلى محطة الضخ لمياه الصرف الصحي الشمالية. أما مشاريع محطات معالجة مياه الصرف الصحي فتشمل: المطار 1 وبدأ تشغيلها في العام 2010 بتكلفة 370 مليون ريال، الخمرة الصناعية وبلغت تكلفتها 142 مليون ريال وتم تشغيلها تجريبيا في الربع الثالث من العام الجاري، البلد وبدأ تشغيلها بعد رفع سعتها الاستيعابية من 40 ألف متر مكعب إلى 80 ألف متر مكعب يوميا وبتكلفة 70 مليونا، الرويس ورفعت سعتها التشغيلية وإعادة تأهيلها وتشغيلها من 32 إلى 64 ألف متر مكعب يوميا وبتكلفة 60 مليون ريال، محطة الرفع لمياه الصرف الصحي الشمالية ويجري العمل فيها حاليا بحيث بلغت نسبة الإنجاز فيها أكثر من 70 في المائة من أعمال المشروع، ومن المقرر أن يتم تشغيل المحطة بجاهزية متكاملة في مايو 2012م، وتجاوزت تكلفتها 900 مليون ريال، وهي تعد بذلك رابع أكبر محطة ضخ في العالم، وأخيرا محطة الخمرة التي بدأت الشركة التشغيل التجريبي لها نهاية العام الجاري، وتبلغ تكلفة تنفيذها أكثر من 271 مليون ريال، كما تبلغ سعتها الاستيعابية نحو 250 ألف م3 يوميا، وتصل في أوقات الذروة إلى 375 ألف م3 يوميا.