صديقي .. علاقتي مع جدتي تختلف عن كل العلاقات التي تربطني بأسرتي، فجدتي وبشكل ما صنعت مني دون قصد أو قصد ذاك الثائر، لكنها وللأسف كانت ثائرة بصمت، أو هي كانت تعرف أني أحبها لهذا لن أحاكمها كما كانت محاكم التفتيش تحاكم من يخالفها قبل قرون، ولأن علاقتنا مسائية، تروي لي كل يوم حكاية لتصنع ذاك الثائر. مازلت أتذكر حكايتها عن صديقتها / جارتنا، التي عاشت وربما ماتت وحيدة دون أن تعرف ما الخطيئة التي ارتكبتها. تلك الحكاية لم أستطع نسيانها رغم مرور 40 عاما، كانت صديقتها جميلة وصغيرة وتزوجت سريعا كما يحدث بالعصور القديمة، بعد عام وبعد أن أنجبت طفلهما الوحيد قرر زوجها فرديا أن ينفصلا دون أن يقدم لها أسبابه أو يشاركها القرار، ولأن الرجل الشرقي لا يحتمل تربية الأطفال، ترك الطفل لها وبدأ يموله ماديا لاعتقاده أن ما يحتاجه الطفل المال فقط. كانت تلك المرأة قد قررت إلغاء حياتها لمصلحة ابنها، وكان ابنها وبسبب قصص أصدقائه بالمدرسة يحتاج لوالده، ليروي مثلهم حكايته مع والده وأين ذهبا؟. غياب والده جعل أمه تدفع الثمن وحيدة، فقد كان يحملها أسباب اختلافه عن باقي أقرانه، وأنها بالتأكيد فعلت شيئا لهذا رحل عنه والده. هذا الطفل لو انتقل لبيت والده سيحدث نفس الأمر وسيدفع الأب الثمن، فالأطفال يحتاجون للوالدين جميعا، وحين يغيب أحدهما عنه يعاقب الآخر بالجفاء. جدتي كانت تقول عن صديقتها بأنها غبية «لماذا لا تعيش هي حياتها وتتزوج كما فعل هو؟»، وكانت جدتي مثلها قد رهنت حياتها لأبنائها، حين كبرت ظننت أن ما تمارسه جدتي على صديقتها ما هو إلا إسقاط، لأنها عاجزة عن التمرد والخروج من القالب الذي صلبها به المجتمع. المحزن في كل هذا يا صديقي أنه قد يدفع أحد الوالدين الثمن وحيدا، ولكن دائما الأطفال يدفعون الثمن خروجهم للعالم، ثم يقرر اثنان أو واحد أن يفتت الأسرة ولا يسألهم أحد عما الذي يريدونه؟. التوقيع: صديقك [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة