أمر مدهش أن يسجل كاتب يحمل جنسيتين «الفرنسية والموريشيوسية» حكاية فتاة عربية «من صحراء أفريقيا» بهذه الدقة والتفاصيل، لحد أنك وأنت تقرأ رواية «السمكة الذهبية» يخيل لك أن هناك امرأة ليست من صنع الروائي «جان ماري غوستاف لوكليزيو» كانت تروي له حكايتها، فراح يدونها بلغته الجميلة. منذ الصفحة الأولى تخبرك بطلة القصة «ليلى» ما الذي حدث لها في طفولتها؟ «حين كان عمري ست أو سبع سنوات خطفت، لا أتذكر ذلك فعلا لأنني كنت صغيرة جدا، وكل ما عشته لاحقا محا تلك الذكرى، كان ذلك مثل حلم، كابوس بعيد، رهيب يعاودني في بعض الليالي، ويقض مضجعي حتى في عز النهار، أذكر ذلك الشارع المعفر بالغبار والخالي، السماء الزرقاء، صراخ طير أسود يفتت القلب، وبغتة يدا رجل ترميانني داخل كيس كبير وأختنق، لآلا أسمى هي التي اشترتني». ثم تمضي «ليلى» لتروي حكايتها مع العجوز الطيبة «لآلا أسمى» التي كانت تحقق لها الأمان وتحميها حتى من ابنها المتزوج الذي كاد أن يغتصب طفولتها، لكن الحياة سريعا ما سرقت العجوز الطيبة، فتورطت الطفلة مع زوجت الابن معذبتها إلى أن تلقفتها السيدة جميلة، التي هي أيضا لم تستمر طويلا فقد سجنت، لكن «ليلى» لن تنسى تلك الأيام الجميلة معها ومع الأميرات أو هكذا كانت تدعوهن في سرها حتى حين فهمت أنهن لسن أميرات في الحقيقة». حين بلغ عمرها 12 عاما لم يبق بعد رحيل جميلة إلا تغريد وحورية، الأولى قطعت قدمها، وفي الوقت الذي دخلت فيه للمستشفى كانت حورية وليلى قد قررتا الرحيل إلى فرنسا كما يفعل الكثير من سكان أفريقيا بالخفاء بواسطة عصابات التهريب بحثا عن جنة الأرض. لم تكن ليلى قادرة على استيعاب هذا الرحيل فهي تصفه قائلة: «هكذا رحلنا، كنا مغادرين دون أن نعرف إلى أين، دون أن نعرف متى سنعود، كل ما كنا نعرفه راح يرحل ويختفي». لم تكن باريس جنة الأرض لكنها لم تكن كجحيم ضفة البحر الأبيض الجنوبية، حاولت ليلى أن تغير حياتها أو ما كان من المفترض أن تكون عليه حياة فتاة تم اختطافها وبيعها. وكانت باريس تمنحها ذاك البصيص من الأمل، الذي يجعل الكثير من الأفارقة يضعون حياتهم على كفهم وهم يرحلون لهناك بالخفاء، وبقارب قابل للغرق، وربما لا يركبون ذاك القارب؛ لأن عصابة التهريب تقتلهم في الصحراء بعد أن تأخذ أموالهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة