أيقونة الصباح.. "نسمة الصبا" و"رائحة الياسمين" و"الصوت المخملي" قل ما شئت هي فيروز على مّر العقود التي مضت انسقنا معها بآذاننا وخفقان قلوبنا. هي الأصالة والتفرد في تاريخ الغناء العربي، وما يحزن أن نجمة مسرحية "يعيش يعيش" لن يكتب لها أن تعيد رسم إبداعها على خشبة "كازينو لبنان"، فقد مُنعت من الغناء، وتوقفت مسيرة صوت ملائكي هو كالحلم الوردي الذي يدغدغ مشاعرنا ويذهب بنا بعيداً عن الفساد الذوقي الذي اعترى الأغنية الحديثة!. الجمهور يقول كلمته ويتخذ موقفه اليوم الاثنين في تظاهرة شعبية تضامنية في وسط بيروت يرددون "إلا فيروز" إلا الإشراق الذي نرتشف معه قهوة الصباح والذي بتغييبه المؤلم كأننا "نعصي" دائماً حالة السعادة والانطلاق ونسجل صفة "عربية " تجذّرت فينا وميزتنا عن غيرنا، ذلك أننا نرفض كل شيء جميل!. فيروز التي منحت وسام الفن من الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أتى من يغلق "حنجرتها" بسبب دعوى قضائية هدفها مادي بحت، وإذا جاء المال من جهة هرب الفن والإبداع من الجهة الأخرى، وفيروز أجبرت على الهرب لأنها لا تبغي المال بل تريد أن تغني و " تستحمُ بعطرٍ" من إشراق وتألق، وكأنه ذنبنا نحن الذين أحببنا فيروز التي كسّرت بصوتها حاجز الحدود وجمعت ملايين البشر تحت راية الإعجاب بها. فيروز.. منعت من غناء مسرحيتها "يعيش يعيش" في الوقت الذي نحتفي بالقبح مع مدرسة ستار أكاديمي وغيره. فإلى أي حد وصل انحطاطنا الذوقي، أن نتعامل مع رموزنا الفنية، وأساطيرنا العظيمة، بمثل هذا الشكل المهين. لقد تعودت أرض بيروت على الاعتصامات السياسية، إلا أن اعتصام فيروز سيكون من نوع آخر.. سيكون تحفة الأنغام بشعار كبير هو "الله كبير". نعم.. الله كبير يا فيروز.. فقد جاء الزمن الذي لا تجدين فيه من ينتج ألبومك كما منعت من الغناء على المسرح، فيا "جارة القمر" أين كنت وكيف انتهيتي؟. لكن لا تبالي أيتها العظيمة، غردي يا "جارة الوادي"، فالوطن العربي كله يسمعك، اقتربي في يوم "اعتصامك" أكثر فأكثر من ذاتنا امنِحِينَا وقتاً يعكس للنفس أبهى حللها، البسي لبوس عيدك الذي تتراقص فيه الأنغام وتتعالى فيه الصرخات الرافضة.. إلا فيروز!.