من الواضح لأي مراقب لما سمي بربيع الثورات العربي أن ثقافة الثورات السلمية والحراك الشعبي الجماعي الرافض لتسليح الثورة والمصر على سلميتها في وجه الرصاص الحي والقصف من البر والبحر والجو هو نمط طارئ على الواقع العربي ولا جذر له في الثقافة العربية القديمة والمعاصرة التي أنتجت الجماعات الإسلامية العنيفة والإرهابية التي تدعو لخلع الأنظمة بالعمليات الإرهابية والاغتيالات. فمن أين جاءت فكرة الثورة الشعبية السلمية للشباب العرب؟ وهي لم تستلهم من المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينج ولا جودت سعيد المسلم وهم أقطاب مبدأ اللاعنف، إنما استلهموا ثقافة الثورة السلمية من الثورات السلمية التي حصلت في التسعينات في جورجيا وأوكرانيا وصربيا والتي تمكن فيها الشباب من خلع أنظمة قمعية بالثورة السلمية وسميت بأسماء لطيفة تنسبها للألوان وأسماء الزهور التي كان الشباب يقدمونها لرجال الأمن والجيش. ومنظر هذه الثورات جميعها هو «جين شارب» في الثمانينات من العمر أستاذ جامعي أمريكي متخصص في العلوم السياسية عكف على أدبيات مبدأ اللاعنف لأقطابه المعروفين وصاغها قبل عقود في كتالوج عملي للثورة السلمية على الأنظمة الدكتاتورية قائم على جذب المجتمع وقوى الأمن والجيش لصف الثوار بدل التصادم معهم والضغط السلمي على النظام حتى ينهار من الداخل، ومن طبقوا مضمون كتبه من الثوار تحولوا بأنفسهم لمرشدين في النهج السلمي للثورة. وهكذا تحققت المعجزة الثقافية بأن نرى شعبا مسلحا كالشعب اليمني تستوطن أراضيه أكبر جيوب القاعدة يصبر حوالى السنة في ساحات الاعتصام تحت القصف والرصاص وآلاف القتلى والمعوقين ويبقى متمسكا بسلمية ثورته، فهذه الثورة الثقافية هي الكفيلة بتجفيف منابع الإرهاب، ولهذا كان واجبا أن تنتصر الثورات السلمية لتكون دليلا على جدوى عدم العنف. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة