يواصلن مشوارهن التعليمي، رغم ما يواجهنه من عوائق ومشكلات، سلاحهن الصبر، والتحدي وتخطي الصعاب، والتغلب على المعاناة، وكسر قيود الإعاقة التي تحد من طموحهن الذي لا يقف عند سقف معين، ولكن الإعاقة الجسدية لم تكن هي الوحيدة التي يتوجب عليهن محاربتها والتغلب عليها، بل هناك حزمة من المعوقات الأخرى التي تعترض سبيل تحصيلهن العلمي، وتأتي وسائل النقل على رأس تلك المنغصات التي تؤرق مضاجع الطالبات وأولياء أمورهن .. وهنا يتعلق الأمر بطالبات التربية الخاصة في جدة، ومعاناتهن الناتجة عن عدم توفر وسائل النقل التي تؤمن لهن الوصول الآمن من منازلهن إلى المعهد المخصص والعكس، وهو هم كبير يشاركهن فيه أولياء الأمور الذين يتحملون مسؤولية إيصال بناتهم الطالبات بأنفسهم وبوسائلهم الخاصة رغم ما يضطلعون به من مسؤوليات والتزامات هي في الواقع أهم وأكبر ولسان حالهم يردد جملة واحدة : «ألا تكفي الإعاقة» . حرج وامتعاض وكانت البداية، مع فهد ناصر الغامدي الذي أخذ مكانه خارج المعهد في انتظار شقيقته مع نهاية الدوام، حيث أبدى امتعاضه الشديد من عدم توفر حافلات لنقل الطالبات، ويضيف: تعاني شقيقتي من ضعف في شبكة العين، ونظرا لعدم توفر وسيلة مواصلات تحملت مسؤولية توصيلها إلى المعهد بصفة يومية، رغم ارتباطي بدوام عمل لا يرحم، وأجد حرجا كبيرا في مغادرة المكتب أثناء الدوام لإعادتها إلى المنزل، وخلص إلى القول: «أرهقني هذا الوضع كثيرا خصوصا مع ندرة السائقين رغم وجود حافلات في وقت سابق». دوامة الضغوطات وقال عبده سليمان الكعبي ولي أمر طالبة: مر ما يقارب الشهرين منذ بدء الدراسة، ومع ذلك لم توفر إدارة تعليم المحافظة وسائل نقل للطالبات، ويضيف: أسكن حي الربوة شمال جدة، وابنتي كفيفة ولا أعتمد على أحد في نقلها سوى حافلات الوزارة التي تشعرني بالأمان وأضمن معها سلامة ابنتي أثناء تنقلها ما بين المنزل والمعهد، قبل أن تختفي من الوجود وتصبح أثرا بعد عين رغم مطالبتنا المتكررة بتوفير وسيلة نقل آمنة لبناتنا الطالبات، وختم حديثه بالقول: «عدم تجاوب الوزارة أدخلنا دوامة الضغوطات وما أكثرها في هذا العصر الذي نعيشه». معاناة يومية من جهته، وصف يوسف مرزوق البلوشي (من سكان حي الحرمين شمالي جدة)، معاناته اليومية في نقل ابنته إلى المعهد في ظل انعدام وسائل النقل المدرسي، وقال: بدأت معاناتنا مع انطلاقة العام الدراسي الجديد، وتحديدا قبل نحو الشهرين من الآن، ومازالت فصولها مستمرة، فمع بداية الدراسة صدمنا بعدم توفر حافلات لنقل الطالبات، ما أجبرنا على تكبد معاناة نقلهن بأنفسنا يوميا، وأضاف البلوشي بالقول: «طالبنا بتوفير حافلات نقل مخصصة للطالبات إلا أن أصواتنا لم تجد أذنا صاغية في مكتب التربية التعليم في محافظة جدة، ولم نجد سوى الوعود دون أن يتحقق شيء على أرض الواقع». تدخل سريع بدوره، طالب عبدالعزيز السلمي (من سكان حي السامر شرقي جدة)، بسرعة تدخل إدارة التربية والتعليم في محافظة جدة، وإيجاد حل جذري يضمن لبناتهم حقهن المنصوص عليه نظاما، لافتا إلى أن الكثير من أولياء الأمور مرتبطون بوظائف وأعمال ويصعب عليهم توفير وسيلة نقل، لاسيما وأن هذه الفئة من الطالبات لهن وضع مختلف جدا خاصة الكفيفات، ويحتجن إلى وسيلة نقل تساعدهن على مواصلة تعليمهن دون معوقات. وأضاف: حتى مع توفر حافلات في الأعوام السابقة كنا نعاني من عدم انضباط السائقين والتزامهم بالمواعيد، ومع هذا نطالب الآن المسؤولين وضع حد لمعاناتنا عبر توفير حافلات نقل مخصصة وسائقين منضبطين وملتزمين. مشقة بلا حل ويرى أحمد حمود الشمراني، والذي يضطلع بمهمة إيصال ثلاث معلمات إلى عملهن في معهد النور يوميا، أنه أمام مشكلة حقيقية يجب حلها بسرعة، وقال: أولياء الأمور يعانون من عدم وجود حافلات نقل للطالبات ومعلماتهن، ونحن كأولياء أمور مرتبطون بأعمال وبدوام رسمي لا نستطيع تخطيه، فإذا تحصل الموظف أو العامل الأذن من رئيسه في العمل مرة فلن يأذن له مرات أخرى، خاصة العاملين في الشركات والمؤسسات التي تدقق في حضور وانصراف موظفيها، ولا ندري لماذا تكبدنا إدارة تعليم جدة تلك المعاناة والمشقة والحرج، واختتم بالقول: «أليس من الأجدى توفير حافلات النقل المدرسي لبناتنا الكفيفات، وذوات الاحتياجات الخاصة، سؤال أوجهه إلى المسؤولين في الوزارة وإدارة تعليم محافظة جدة». تغيب الطالبات أما موسى الحربي، فأشار إلى المشاكل الناجمة عن عدم توفر وسائل النقل المخصصة لطالبات الاحتياجات الخاصة، وانعكست بشكل مباشر على تحصيلهن، وقال: يعاني أولياء الأمور والطالبات بصفة عامة من تداعيات المشكلة التي باتت تلقي بظلالها سنويا، ولا بد من إيجاد حل عاجل لها، خصوصا أن أعباءها لا تتوقف عند أولياء الأمور فقط، فكثير من الطالبات يتغيبن بسبب عدم وجود وسيلة نقل لهن، وبعضهن اعتذرن عن مواصلة التعليم. لماذا التأخير وذكر عبد الله محمد مهدي (من سكان حي الثعالبة في جدة)، أن لديه ابنة تتلقى تعليمها في مدرسة الدمج الواقعة في حي الرويس، وتعاني من إعاقة في السمع، وطبيعة عملي تتطلب التنقل ما بين جدة والرياض، ومن هنا أعاني كثيرا في إيجاد وسيلة نقل لابنتي مع بداية كل عام خصوصا مع عدم توفر الحافلات المدرسية، ويضيف: معاناتنا مع الحافلات هي معاناة متكررة، وأيضا بسبب السائقين الذين لا يلتزمون ببنود التوصيل، ويرفضون دخول الإحياء ولا يراعون ظروف الطالبات وأسرهن، وزاد: «مشكلة عدم توفر الحافلات مستمرة هذا العام رغم مطالبتنا المسؤولين في وزارة التربية والتعليم بالوقوف على مشكلتنا دون جدوى، ففي أحيان كثيرة تتغيب ابنتي عن الذهاب إلى المدرسة، ومرات أخرى نضطر إلى المجازفة، ونكلف شقيقها الصغير البالغ من العمر 16 عاما بإيصالها إلى المدرسة والعودة بها مرة أخرى». وتساءل قائلا: لماذا لم تعالج إدارة التعليم في جدة المشكلة عبر التعاقد مع متعهد قبل انطلاقة العام الدراسي؟. حق مكفول وأشار كل من سعد عبد الله الفهاد، صالح حسن الزهراني وسعيد عبد القادر الغامدي، إلى مشكلة عدم مباشرة النقل (حافلات) الخاصة ببنات الدمج وذوات الإعاقات السمعية (فئة الاحتياجات الخاصة) في مدارس البنات الابتدائية والمتوسطة الأولى في حي البغدادية في جدة، مؤكدين أنهم قد تقدموا بشكوى إلى مدير التربية والتعليم في جدة، إلا أنهم لم يجدوا أذنا صاغية، وظل الموضوع رهن أدراج الإدارة، وأضافوا: النقل المدرسي حق للطالبات وقد تكفلت به الدولة مشكورة لهذه الفئات الخاصة، ولجميع المراحل ومعمول به منذ عدة سنوات. امتناع عن الدراسة وأبدى عدد من معلمات التربية الخاصة استياءهن الشديد نتيجة، تأخر تشغيل الحافلات المخصصة للطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم إيجاد الحلول السريعة للمشكلة، أو الرد على استفسارات أولياء الأمور حيال المشكلة رغم مطالباتهم المتكررة بتوفير وسيلة النقل للطالبات والمعلمات، وأكدن تضرر الكثير من الطالبات جراء المشكلة، وامتناع عدد كبير من الطالبات عن الدراسة لأسباب كثيرة أهمها عدم توفر المواصلات، إضافة إلى اعتذار 50 طالبة ما بين كفيفات وصم عن الدراسة عموما. توقيع العقد إلى ذلك، أكد المدير العام للتربية والتعليم في محافظة جدة عبدالله بن أحمد الثقفي، توقيع عقد نقل الطالبات مع المتعهد لإيصال الطالبات من وإلى منازلهن، مبينا أن إبرام العقد تم الثلاثاء الماضي، وأن التأخير بسبب المتعهد الذي سوف يباشر عمله بحسب بنود العقد.