رغم الجهود التي تبذلها الدولة لتحديث وتطوير خدمات النقل الجوي، ورغم الإنفاق السخي على شراء الطائرات وتطوير المرافق والمطارات، إلا أنه يبدو للمتابع والمستهلك كأنما يتراجع هذا القطاع إلى الوراء وتسوء خدماته موسماً بعد آخر فلا تجده مواكباً لحركة النمو المتسارعة في أرجاء الوطن ولا متوائماً مع ازدياد الطلب على الرحلات الجوية تبعاً لزيادة التعداد السكاني وتنامي الحركة الاقتصادية والإنمائية في مختلف مناطق ومدن المملكة وللتطور المبشر في إمكانات السياحة الداخلية والرغبة المتزايدة في الاستفادة من الآفاق السياحية الواعدة والتمتع بالإجازات والعطل في ربوع الوطن وبين شواطئه ومصايفه الجميلة، ثمة من يعزو هذا القصور إلى ضعف الدعم وقلة أعداد الطائرات العاملة، وثمة من يعزوه إلى ترهل الإدارة وسوء تنظيم الموارد، وكل ذلك قد يكون صحيحاً، لكن قاعدة مهمة تشرح نفسها هنا وهي أن الاحتكار يؤدي دائما إلى انحدار مستوى الجودة ورداءة الخدمة؛ لذا تجد الدول ذات التجارب الاقتصادية والاجتماعية العريقة تمنع احتكار الخدمات العامة والسلع الاستراتيجية وتعمد إلى تقسيمها بين عدة موردين ومنتجين بما يضمن استمرار التنافسية وبالتالي ارتقاء مستوى الخدمة والجودة، ولعل لنا في شبكات الاتصالات خير مثال على المستوى المحلي، كيف كانت يوم كانت محتكرة وكيف أصبحت حين فتح باب التنافس وتعدد موردو الخدمات، وهكذا حال النقل الجوي لن تستقيم دون اعتبار لمبدأ المنافسة العادلة بين شركات متعددة تتوفر لها ظروف العمل الجيدة وفرص الربح المتساوية ومن الصعب الوصول إلى هذا الهدف قبل فصل الخطوط الدولية عن المحلية في شركتين مستقلتين وخصخصتهما بما يتواءم وأنظمة وظروف ومتطلبات العمل في السوقين المختلفتين، أما في السوق المحلية فلابد من فسح المجال لشركات وطنية وخليجية على اعتبار التكامل الاقتصادي والاجتماعي الخليجي المرتقب وتهيئة الفرص للاستثمار في هذه السوق الحيوية الواعدة في منطقة شاسعة تعيش مرحلة انتعاش وتطور اقتصادي واجتماعي يستوجب توفر خدمات متطورة للنقل تحقق تواصل أجزائها بيسر وتسهل التنقل بين مدنها ومناطقها ذات المصالح والوظائف المتداخلة، وبشكلٍ عام لا يمكن ضمان عدالة الأسعار وتوفر الحد الأدنى الذي يمكن تقبله من الجودة في أعمال الشركات والهيئات التي تقدم منتجاتها وخدماتها مدفوعة الأجر للعامة في ظل الاحتكار أو ضعف المنافسة لذا لابد من تفكيك تلك القيود وفتح أبواب المنافسة بما يضمن بقاء الأفضل وخروج الرديء والضعيف من سوق العمل.