استشعر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس التبعات الملقاة على قادة الأمة الإسلامية وشعوبها قاطبة، مناشدا الاضطلاع بدورهم التاريخي في العمل على بث الأمن والاستقرار في مجتمعاتهم، وإدراك أن الوعي الحصيف هو السبيل بعد الله لاختيار طريق التوحيد والوحدة لا التخبط والفوضى، قائلا: «التحديات المتسارعة والمتغيرات المتلاحقة لهذه الأمة، تستدعي منها أن تعي مخاطر المستقبل فتستشرفه بكل ثقة واقتدار»، مستدعيا: «ها هو الزمان يسير بنا سيرا حثيثا، ولسان العبر والعظات يتلو علينا كل يوم حديثا: عروش زالت، ودول دالت، وأخرى انتصرت وقامت». وأزجى إمام وخطيب المسجد الحرام التهاني إلى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على نجاح الحج، وقال «باسم جموع حجاج بيت الله العتيق نرفع التهاني معطرة والدعوات صادقة لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهما الله، والأمة الإسلامية جمعاء على ما من به، سبحانه، من نجاح موسم حج هذا العام بامتياز، فلله الحمد والفضل والشكر على ما أنعم وجاد، ووفق للسداد والرشاد، والأمن والاستقرار والإسعاد». ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام المصلين في خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس، إلى تقديم تحية اعتزاز وتقدير للقائمين على خدمة الحجيج: «من شكر المنعم المتفضل جل جلاله التحدث بما حبا الله بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله من شرف خدمة الحجاج محتسبة الأجر والمثوبة من الله، ومضيها في خدمة ضيوف الرحمن مستمدة العون من المولى تبارك وتعالى. فخدمة الحجاج والمعتمرين ورعاية أمنهم وطمأنينتهم تقع في أعظم مسؤولياتها وقمة اهتماماتها، مستشعرة في ذلك عظم الأمانة الملقاة على عاتقها ومن فضل الله وتوفيقه تحقيقها النجاحات المتميزة في تقديم منظومة الخدمات المتألقة في الجوانب كافتها. وهنا لا بد من إزجاء تحية اعتزاز وتقدير، ودعاء وتوقير، للقائمين على شؤون وفود الرحمن، بكل حذق وتفان، أن يجزيهم سبحانه خير الجزاء وأوفاه، وأعظمه ومنتهاه، والدعاء موصول للجنود المجهولين، الساهرين على خدمة الحجيج وراحتهم، على تنوع تخصصاتهم، لا سيما في لجنة الحج العليا والمركزية، والأمنية والعلمية والدعوية، والصحية، لا حرمهم الله ثواب ما قدموا، وأجر ما أحسنوا، جزاء ما أبدعوا واجتهدوا لإنجاح هذا الموسم العظيم، باقتدار». وطالب الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بالاعتصام بالكتاب والسنة والتسامح ونبذ الفرقة والاختلاف، وقال: «عوامل الخلاف والفرقة لن تحمل غير الشتات والضياع»، مضيفا: «فريضة الحج منبع ثر للتسامح والتحاور، والتضامن والتشاور، تتجلى فيها أسمى صور الأمة الواحدة التي اجتمعت على هدف واحد، فلا ينبغي أن يمر موسم إلا وتعلمت الأمة من هذا التجمع الكبير دروسا بليغة، وخرجت بطاقات فريدة تستمد من هذه الجموع المباركة فأرض الحرمين حرسها الله منحت العالم صور المسامحة والتعاون وقيم الأمن والأمان، وكم في هذه الفريضة من المشاهد الإسلامية والإنسانية والصور الحضارية التي لا تظهر إلا في هذه البقاع الطاهرة لتدرك الأمة أنها بغير الإيمان والعقيدة وبدون الاعتصام بالكتاب والسنة لن ولا ولم تكن شيئا مذكورا»، وأضاف «إن مقتضى الحج المبرور التغيير إلى مرافئ الرقي والحبور وذلك بالاعتصام بحبل الله المتين، ونبذ التنازع والافتراق، والتواصي بالصلاح ومكارم الأخلاق، واجتناب الموبقات والمنكرات ودواعي النفاق، فطهروا ألسنتكم من الكذب والغيبة والآثام، ومنكر القول والشتام، وزكوا قلوبكم فإنها محل نظر ذي الجلال والإكرام». وحث الشيخ السديس المسلمين على التزود من مناهل الحج بالتوية النصوح واليقين المتين، والنفس الزكية، والطوية المرضية، والسجايا السنية، لخوض غمار الحياة بصالح الأعمال وخالص النية، وحسن استثمار هذه الدنيا الدنية. وبين إمام وخطيب المسجد الحرام، أن «تقوى الله سبحانه ضياء للضمائر، ونور للبصائر، وترياق للسرائر وخير عاصم من الجرائر»، وقال: «وفود الرحمن أيها الحجاج الكرام منذ أيام قلائل نعمتم بإكمال مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام في أجواء إيمانية سعيدة وأوضاع أمنية فريدة، فاقدروا هذه النعمة الكبرى التي يغبطكم عليها سائر الأمم، واشكروا المولى سبحانه، حيث أفاض عليكم أزكى المنن والنعم وغمركم فضل الباري بالحج إلى البيت الذي جعله مثابة وأمنا للناس، وفي ذلك الأجر الجزيل بغير قياس. وعلى إثر ذلك ودعت أمتنا الإسلامية مناسبة عيد الأضحى الغراء وأيامه العبقة الزهراء إذ المقام بعد مقام شكر المنعم سبحانه، فاشكروه تعالى حق شكره واذكروه جل وعلا حق ذكره، فقد وقفتم بأزكى البطاح ترجون غفران الذنوب والجناح وتأملون الفوز بالأجر والفلاح تدعون ربكم بألسنة طاهرة وقلوب خاشعة ونفوس منكسرة ضارعة وأعين بالعبرات سكابة دامعة». وفي المدينةالمنورة، أوصى إمام المسجد النبوي الشريف الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين بمجاهدة النفس على الطاعة، وقال في خطبة الجمعة أمس: «أعظم المجاهدة في سبيل الله هي مجاهدة النفس على طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن من أعظم المجاهدة أن يجاهد الإنسان نفسه على فعل الأوامر ومن ذلك المحافظة على الصلاة المفروضة وألا يشغل الإنسان عنها شيء إلا لعذر قاهر، كما وإن من أعظم المجاهدة للنفس أن يحفظ الإنسان لسانه ويده وجوارحه من أن يؤذي بها إخوانه المؤمنين».