يقف التاريخ تحت مظلة المهابة والإجلال وهو يشهد من على بعد نحو ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين سنة موكب الإيمان يقوده رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم وخطبة الوداع.. ذلك النهج الإيماني الخالد،.. أقول الحج فيه فوق صورته الظاهرة صور ذات دلالات كبيرة.. ليت الفكر الإسلامي والعربي يقف فيها موقف التأمل ويعالجها معالجة تتفق وأسلوب هذه الأيام.. مستغلا سطوة الإعلام ونفوذه وأن يستغل هذا المهرجان الإسلامي الكبير في أن يجد الفكر الإسلامي مع الفن الإسلامي ليؤلف جهدا كبيرا.. يبلور ويؤطر تلك الصور وتلك المشاهد النابضة بشتى المعاني ليكون فيها عبرة وفلسفة وتاريخ وتراث. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد: وسبحان الله، فقد أصغت كل الأصقاع لوقع ذلك النداء الذي جاء في أعقاب لبيك اللهم لبيك.. فبعد أن أعلن الإنسان عن إقباله على الله بتلبيته وإعلانه الصريح لأداء ركن الإسلام الخامس وأعلن على رؤوس الأشهاد إفراد الله بالعبادة فلبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك. صورة الحشر: وبعد أن وقف في عرفات الله.. وهي صورة تذكر المؤمن بيوم الحشر.. وكيف أن الخليقة وإن وقفت اليوم في طواعية واختيار.. إلا أنها في ذلك اليوم سوف تقف مسيرة ولا حول ولاقوة.. ولا شيء يؤمنها من الفزع الأكبر سوى الإيمان ورجاحة الميزان عند الله.. إن هذه الصورة في عرفة التي تتكرر في كل عام إنما هي صورة مصغرة ليوم الحشر جعلنا الله وإياكم من الناجين فيه.. ويرتفع صوت الحاج.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.. يافطة إعلانية رسمت بالكلمات.. ولترسم بالتالي بعدا معنويا لا أروع ولا أجمل، فالإنسان بعد أن وقف على صعيد عرفة (والحج عرفة) ليستقبل المشعر الحرام ويستقبل عيد الأضحى المبارك.. العيد الأكبر للإسلام والمسلمين بالتكبير والتهليل والحمد لله.. يترجم شعوره الحيوي المليء بكل دواعي الطمأنينة إلى الحب والامتنان بأن من الله عليه بأداء هذا الركن.. والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة.. وقد تجلى الله على عباده.. وقال يشهد ملائكته بأنه قد غفر لهؤلاء الذين وقفوا بالأمس على صعيده وقد أفاضوا مغفورا لهم وأي ثواب أروع من ذلك وأي مطلب يتوق إليه المؤمن فوق أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. انتهى المشهد ويبقى المدلول: وكل عام وأنتم بخير.. وكل مسلم ومسلمة بخير وإذا كان الحج قد تجاوز مرحلته المتقدمة وغرق الحجاج في تلك المشاعر الإيمانية وسكن الابتهاج في دواخلهم وكشف عن ذلك ما تبثه تلك الإشارات التي ارتسمت على كل الوجوه.. فإننا والحج قد أكدت صورته تلك أن تجمع المسلمين فيه قوة.. وأن الحج أعطى قناعة وكرس مفهوما منطقيا بأن بالإمكان استغلال هذه الطاقة المتوحدة متى ما تآلفت. أقول إننا إذا ما تجاوبنا مع أهداف الحج ومثله العليا وأصغينا لأبعاده الحقيقية فإن صورة الأمس تؤكد أنه بالإمكان أن يكون الغد أكثر إشراقا وتوهجا وقوة.. إذا خرجنا من الحج بما يجب أن نستوعبه من دروس.. فليت الأمة الإسلامية تصحو يوما على وحدة متكاملة تقيم دستور السماء كتاب الله نهجا لها.. لنجد بعد ذلك الأمة الإسلامية قوة لا تقهر.. تهنئة رقيقة لكل حاج وقف على صعيد عرفة.. وتهنئة للمسؤولين على نجاح المهمة.. وكل عام وأنتم بخير.. وحسبي الله ونعم الوكيل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة