ناشد مؤتمر «الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف» الذي نظمته الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة واختتم أعماله أمس، وسائل الإعلام العربية والإسلامية باحترام الهوية الإسلامية فيما تبثه وتنشره من برامج ورسائل إعلامية، وتكثيف البرامج التوعوية والحوارية والرسائل الإعلامية المثمرة حول وسطية الإسلام واعتداله وسماحته، وتجنب الانزلاق وراء ترديد ما تبثه بعض وسائل الإعلام الدولية من رسائل مغلوطة ومشوهة لصورة الإسلام والمسلمين. ودعا المؤتمر وزارات الثقافة والإعلام إلى إصلاح الخطاب الإعلامي، ووضع ميثاق شرف للقنوات الفضائية لتجنب ازدراء القيم والرموز الإسلامية، والابتعاد عن البرامج الحوارية مع أدعياء العلم الشرعي، والبرامج المثيرة للغرائز، والمؤججة للحقد الاجتماعي المؤدي إلى فكر التطرف، وتجنب التغطيات الإعلامية المغلوطة التي تهدف إلى الإثارة. كما دعا رابطة العالم الإسلامي إلى إنشاء هيئة إعلامية إسلامية تعمل على تحسين صورة الإسلام وتتبع الرسائل الإعلامية المناوئة والمغلوطة والرد عليها مباشرة. ودعا المؤتمر الذي ناقش 83 بحثا في ختام توصياته التي جاوزت ال 20 توصية الجماعات المتطرفة المنتسبة إلى الإسلام إلى أن تتقي الله عز وجل في الإسلام والمسلمين، وأن تفكر تفكيرا جادا وواعيا بما أصاب الإسلام والمسلمين على أيديهم وبسببهم من كوارث ونكبات، وأن تكف عن إقحام الإسلام في خطابها الإعلامي الضال، وأن تتوقف عن ارتكاب الأعمال الإجرامية، وتعود إلى رشدها وتسلك سبيل الجماعات التي أعلنت عن توبتها وتبرؤها من الأعمال الإرهابية. كما أوصى المؤتمر في توصياته شباب المسلمين بالتمسك بوسطية الإسلام واعتداله وتسامحه مع الآخر، والالتفاف حول القيادات في بلدانهم، والحذر من مفارقة جماعة المسلمين، وأخذ الدين عن علمائه المتخصصين الثقات والمعروفين بوسطيتهم، ونبذ التفسيرات الخاطئة لقضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء، وفي هذا السياق يوصي المؤتمر شباب المسلمين بتكثيف مواقع الدعوة إلى الإسلام وبيان سماحته ووسطيته والدفاع عنه على شبكة الإنترنت، بعد أن يتحصنوا بالعلم الشرعي الصحيح، ويجيدوا ثقافة الحوار مع الآخر. الأسرة والأبناء وطالب المؤتمر الأسرة المسلمة بالقيام بدورها في تربية الأبناء على ثقافة الحوار وقبول الآخر، وتوجيههم وتحذيرهم من رفقة السوء، وحثهم على مصاحبة الأخيار، والتحلي بالأخلاق، تحذيرهم وحمايتهم من مخاطر الفضائيات المشبوهة، ومواقع الإنترنت الإباحية والمغرضة والمتطرفة، وتنبيههم إلى خطورة النقد الاجتماعي غير المسؤول أمام الناشئة، ودعا المؤتمر إلى دعم الأسر التي تقوم بدور فاعل في حماية أبنائها من الانخراط في صفوف الجماعات المتطرفة، أو في عودة ابنها الضال إلى طريق الحق والاستقامة والولاء للوطن. تفعيل دور المسجد كما دعا المؤتمر المؤسسات الدينية لتفعيل رسالتها السامية، بإعداد الأئمة للقيام برسالة المسجد على الوجه المطلوب، وتفعيل دوره التوعوي في تبصير المجتمع بأضرار الغلو والتطرف ومخاطر الإرهاب، وتقديم خطبة الجمعة بأسلوب يواكب متطلبات واحتياجات العصر؛ لتصحيح المفاهيم الخاطئة والأفكار المنحرفة مع الابتعاد عن أساليب الإثارة المحفزة على الغلو والتطرف، وتكثيف جهود الدعاة من خلال العمل الميداني، وإنشاء معاهد أو مراكز متقدمة لإعداد وتأهيل الأئمة والدعاة. المناهج التعليمية وطالب المؤتمر المؤسسات التعليمية في الأقطار الإسلامية بأن تضمن مناهجها وبرامجها التعليمية والتثقيفية؛ لتعزيز تدريس التربية الإسلامية، والانتماء الوطني لدى الناشئة من طور الطفولة المبكرة، ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال والحوار وأدب الاختلاف وقبول الآخر، وتصحيح مفاهيم الطلاب في قضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء، وبيان حقوق الولاة والعلماء، والرد على الأفكار المنحرفة التي تثيرها الفئات الضالة، من خلال المناهج الدراسية والأنشطة اللاصفية، وتقديم جائزة مالية سنوية تمنح لأبرز المعلمين والمعلمات مساهمة في نشر فكر الوسطية والاعتدال، وتعزيز الانتماء الوطني بين الطلاب والطالبات. الوسائل الإعلامية وناشد المؤتمر وسائل الإعلام العالمية التعرف على حقيقة الإسلام باعتباره دينا سماويا عالميا تسوده قيم المحبة والسلام والعدالة والحرية والتسامح واستيعاب الآخر، وتجنب التشويه المتعمد لصورة الإسلام، ورفض الإساءة إلى دين الإسلام ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والصحابة الكرام. ويستحث المشاركون أثرياء المسلمين على افتتاح قنوات فضائية ناطقة باللغات العالمية الحية غير العربية للتعريف بالإسلام والدعوة إليه، كما يستحثهم على ترجمة الأعمال العلمية لعلماء المسلمين الراسخين في العلم إلى اللغات العالمية الرئيسة وطبعها ونشرها بين أوساط غير المسلمين. الحكومات الإسلامية وأكد المؤتمر على قيادات وحكومات الدول الإسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع مجالات الحياة، ودعم هيئات وجمعيات حقوق الإنسان، ودعم المشاريع التنموية والحد من البطالة، ومعالجة مشكلات العشوائيات السكنية، والقضاء على التهميش الاجتماعي للشباب، وتفعيل رسالة المسجد والأسرة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والتعليمية والإعلامية والأسرية في تعزيز الوسطية وتصحيح المفاهيم الخاطئة عند الشباب، والحفاظ على الطبقة الوسطى من التآكل والتهميش، وتشكيل هيئة عليا للتنسيق بين جهود الجهات المعنية بالمعالجة الفكرية والإعلامية للإرهاب. المنظمات الدولية وطالب المؤتمر المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب بالتعامل بموازين عادلة مع كافة القضايا الدولية، وتجنب التعامل بمعايير مزدوجة مع المسلمين وقضاياهم العادلة، والتصدي لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، واتخاذ التدابير اللازمة ضد الدول المتورطة في إمداد الجماعات الإرهابية بالسلاح أو بالمال، أو تجعل من أراضيها ملاذا آمنا للمتطرفين من دول آخرى. توصيات عامة حث المؤتمر الجاليات المسلمة في الدول غير الإسلامية على تشجيع أبنائهم على الاعتدال في فهم الإسلام وحسن الجوار واحترام الآخر والتقيد بالأنظمة، كما يحث حكومات تلك الدول باحترام حقوق تلك الجاليات والتعامل معها بالمساواة كبقية أفراد المجتمع، موصيا كل جالية بتوحيد جهودها إزاء القضايا الإسلامية المصيرية. وأوصى المؤتمر شباب المسلمين بالتمسك بوسطية الإسلام واعتداله وتسامحه مع الآخر، والالتفاف حول القيادات في بلدانهم، والحذر من مفارقة جماعة المسلمين، وأخذ الدين عن علمائه المتخصصين الثقات والمعروفين بتوسطيتهم، ونبذ التفسيرات الخاطئة لقضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء، وبتكثيف مواقع الدعوة إلى الإسلام وبيان سماحته وتوسطيته والدفاع عنه على شبكة الإنترنت، بعد أن تحصنوا بالعلم الشرعي الصحيح، ويجيدوا ثقافة الحوار مع الآخر. دعا المؤتمر جميع القوى المحبة للسلام في العالم إلى حل النزاعات في العالم الإسلامي حلا عادلا يحقق تطلعات الشعوب الإسلامية، حيث أصبحت هذه النزاعات عاملا أساسيا تستغله الجماعات. وطالب بإعادة بناء الموقف العالمي المناهض للإرهاب على أسس جديدة أكثر عقلانية وعدالة، في إطار غير عنصري، يتبنى سياسة الحوار بين الأديان، وينبذ فكرة الصراع بين الحضارات. وأكد على ضرورة وضع مفهوم دولي موحد للإرهاب، درءا للاستغلال السيئ له وفقا للمصالح الخاصة بكل دولة. وشجع المؤتمر البحوث والدراسات، وعقد المؤتمرات والندوات وورش العمل وحلقات النقاش في مجالات ظواهر الغلو والتطرف والإرهاب، والتعرف على مصادرها ومناهجها وأسبابها ودوافعها ومخاطرها، ووضع الحلول الفعالة لمواجهتها والحد من انتشارها، وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات لها، ويشجع مبادرات المراجعات التي تقوم بها بعض الجماعات وقياداتها، ودعا إلى نشرها، ونشر ما أدى إليها من حوارات، وتزويد الراغبين فيها للاستفادة منها. ودعا المشاركون في المؤتمر الدول الإسلامية ودعاتها والمختصين فيها بالشأن الديني برصد وجمع الشبهات التي يثيرها أصحاب الغلو والتطرف، والعمل على وضع الردود المناسبة الكفيلة بتفنيدها، ونشرها بجميع الوسائل المتاحة وتسهيل الحصول عليها. القناعات وأكد المؤتمر على عدة قناعات، أهما: تبني تعريف الإرهاب الصادر عن مجلس وزراء الداخلية ومجلس وزراء العدل العرب الذي اعتمده المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، حيث أن مصطلح الإرهاب قد اتخذه البعض ستارا للطعن في الإسلام وتشويه صورة المسلمين، والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية، وتعطيل المساعدات الإغاثية والإنسانية للمنظمات الإسلامية لأسباب لا علاقة لها بالإرهاب. وأن الإرهاب لا يختص بدين أو عرق أو جنسية أو دولة بعينها، وإنما هو ظاهرة عالمية تمارسها جماعات تنتمي إلى مختلف الأديان والأعراق والأجناس والدول، وأن مفهوم الجهاد في الإسلام مفهوم نبيل يختلف في مشروعيته وأهدافه عن الممارسات الخاطئة لبعض الجماعات المنحرفة عن الإسلام. ورفض المؤتمر جميع العمليات الإرهابية أينما وقعت ومن أي جماعة كانت، ويأسف لما ينجم عنها من إزهاق لأرواح الأبرياء وتشريد للأسر وترويع للآمنين وإتلاف للأموال والممتلكات وتعطيل لعمليات التنمية، كما يرفض النزعات الانتقامية، وردود الأفعال المفرطة في استخدام القوة، ويدين كل أذى يلحق المدنيين العزل والمنشآت المدنية تحت مزاعم مكافحة الإرهاب الدولي، والذي من شأنه إعاقة الجهود المبذولة لمواجهة الأفكار الضالة. وأن مسؤولية الإعلام العالمي عن محو الصورة النمطية المشوهة التي رسمها البعض عن الإسلام والمسلمين. وأشاد المشاركون في المؤتمر بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتبنيه لقضايا الحوار الوطني والحوار بين الحضارات، وما لذلك من أثر بالغ في قبول الآخر والقضاء على منابع فكر التطرف والإرهاب. لذا يدعو المؤتمر كافة العلماء والمفكرين والمثقفين في العالم أجمع إلى الوقوف في وجه دعوة صراع الحضارات، والمواجهة بين الأديان، وإثارة النزاعات والفتن العنصرية التي تستهدف الإسلام والمسلمين وغيره من الأديان السماوية. اقتراح المملكة يعبر المشاركون في المؤتمر عن تأييدهم لاقتراح المملكة العربية السعودية إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب الوارد في ختام أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تم عقده في مدينة الرياض. وثمن المشاركون في المؤتمر جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب أمنيا وفكريا، وفي معالجتها الحكيمة للفكر الضال بما استحدثته من لجان للمناصحة، وإعادة التأهيل والرعاية اللاحقة لمعتنقي الفكر الضال. كما نوهوا بجهود العلماء المشاركين من علماء المملكة العربية السعودية في تصديهم وتصحيحاتهم للأفكار المنحرفة وكشفهم لتلبيسات قادة الفكر الضال، ودعوا الدول المعنية بمكافحة الإرهاب إلى الاستفادة من التجربة السعودية في هذا المجال. وأوصى المشاركون في المؤتمر برفع برقية شكر وامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لموافقته السامية على عقد هذا المؤتمر، واستضافة المملكة العربية السعودية للمؤتمر في رحاب الجامعة الإسلامية. ورفع برقيات شكر وتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام على عنايته بالمؤتمر، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لرعايته للمؤتمر، واعتبار كلمته في افتتاح المؤتمر وثيقة من وثائق المؤتمر، وصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينةالمنورة، لمتابعته أعمال المؤتمر، ووزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري. وتقدم المشاركون في المؤتمر إلى الجامعة الإسلامية وفي مقدمتهم مديرها الدكتور محمد بن علي العقلا، بوافر الشكر والتقدير على الجهود الكبيرة في تنظيم المؤتمر، ويشكرون اللجان العاملة فيه على حسن الإعداد وجودة التنظيم وجميل العناية بالمشاركين والحضور.