بين مولده عام 1349ه ( 1931م) ووفاته عام 1432ه (2011م) مساحة من الزمن، لا تقاس بالأعوام، بل بالأيام والساعات والدقائق والثواني، أمضاها في تطابق بين نظامه الشخصي ونظامه العقلي، وهما كل لا يتجزأ. مات «سلطان بن عبد العزيز» ولم يمت، غاب جسده في الثرى، وبقيت أعماله في الثريا، ودعه الناس وكأنهم يستقبلونه، رحل ولم يرحل، خضع لتبويب الله وترتيبه، شعاره «الوطن لا يباع، والأرض والناس متلازمان، ومن يتولى واحدة، يتولى الأخرى» ومنطق الموت هو ذاته منطق الحق، ولا ينفك من أسره أحد، و «من لم يمت بالسيف مات بغمده/تنوعت الأسباب والموت واحد». من أين أتحدث عنه ؟ أعندما كان رئيسا للحرس الملكي ؟ أم أميرا لمنطقة الرياض ؟ أم وزيرا للزراعة ؟ أم وزيرا للمواصلات ؟ أم وزيرا للدفاع والطيران ؟ أم وليا للعهد ؟ أم رئيسا لعدد من اللجان ؟ لا هذا ولا ذاك، أتحدث عنه بوصفه حاضنا للعِلم والمعرفة والثقافة، ومناديا بها، وداعما لها. عام 1416ه (1996م) مول الرجل رحمه الله «موسوعة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود» ووهب جميع ما يخصه في هذا المشروع لصالح المؤسسة التي تحمل اسمه، وهي أول موسوعة عربية شاملة، رحب بها مثقفو الوطن العربي ترحيبا شاملا، بوصفها شكلا من أشكال الإنتاج المعرفي، ونقلة نوعية في الثقافة العربية المعاصرة، متضمنة معلومات في مختلف فروع المعرفة. وكان لسموه رحمه الله، قدم صدق في تمويل «مشروع الكتب العالمية عن الإسلام والمملكة العربية السعودية» الذي أصبح الآن «مركز الفكر العالمي عن السعودية» أصدر مجموعة من الكتب، بلغات عالمية متعددة، عن كثير من القضايا الوطنية، التي كان لها أثر كبير في توضيح الصورة الحقيقية عن: المملكة، وهويتها الحضارية والثقافية عند الرأي العام الغربي. كلما اتجه الإنسان العاقل نحو المستقبل، وأراد أن يكون حاضرا فيه حتى بعد أن يرحل، يترك معطى واقعيا، ويحدد مفاهيمه، ويخلصه من رواسب الفكر الساذج، ولا مخرج من ذلك إلا بعمل معرفي، ثقافي، قادر على توافر فرص الثقافة الجادة، القادرة على مواجهة الوضعية المتردية، التي يعانيها الإنسان، والتصدي للأخطار والتحديات التي تواجهه. يكفي «سلطان بن عبد العزيز» هذه الموسوعة، وهذا الفكر العالمي، ففي فترات معينة من تاريخ المجتمعات، ينهض من يصنع تاريخ العلم، والثقافة، والمعرفة، ويحرر مجتمعه من الأوهام الايديولوجية، ويعيد الثقة لوطنه وأمته منفردا، وينجز مهام تكاد تكون شبه مستحيلة، من دون انطلاقها بالعزيمة، والإصرار. «سلطان بن عبد العزيز» ها أنت تعود إلى ربك جسدا، وتبقى في وطنك ومجتمعك رمزا، تشغل الاهتمام، وتشعل أضواء الخير. أيها الراحل العزيز : كنت في الحياة والممات كبيرا .. هكذا أنت أولا وأخيرا. فاكس: 014543856 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة