ثمة خيط رفيع بين الحياة وبين المسرح المفتوح والذي يجترح تفاصيله المهملة الكاتب فهد ردة الحارثي في مجمل مسرحياته التي ألفها ونسج شخوصها على مسرح جمعية الثقافة والفنون في الطائف. في مسرحيته الأخيرة (يا ورد من يشتريك)، وفي عرضها الأول والتي اعتمدت على الضوء والبطل الأوحد، أو ما يسمى في عالم المسرح بالمنودراما، ظل الفنان العاشق يتعاطى مع الموجودات بروح منكسرة وقلب تذروه الجراح، مفتتحا وجعه اليتيم بغناء تونسي مبللا بحزن فاخر، وتساؤلات تفيض بأمل غائم: هل جاءت؟ هل شاهدها أحد؟ أشرطة الذكريات التي آسرته ذات زمن.. كان يستعرضها بشكل حميمي، كانت تطوق روحه بغناء شهي.. وصوت فيروز يقاسمه الليل والبوح والأمنيات.. و... (بكتب اسمك ياحبيبي ع رمل الطريق)! إنها سيرة ذاتية لعاشق مغرم، بل ذات السيرة لغرام عشيقة، هي أشبه بحكايات عشاق تتقاطع بشكل أو بآخر مع الواقع ولا تخلو من إسقاطاتها السياسية والاجتماعية والوجدانية، كما أن تكنيك الإضاءة وإيحاءاتها من الأزرق البنفسجي إلى الأحمر الصارخ فالأبيض الباهر، تخلق أجواء من المشاعر الإنسانية.. متأرجحة بين الحزن والفرح والبؤس والسعادة. بشكل عام.. وأنا هنا أتحدث كمشاهد لا أكثر، أرى أن الحوار مع الذات كان مفعما بشاعرية جميلة، والنص كان ملغوما برمزية عالية، وكأني بشخوص العمل يعيدون لنا تأوهات العشاق في نسيج من الفوضى المرتبة على مسرح العبث الخلاق. • قال عنها الدكتور عاطف بهجات وقبل أن يخرج من دهشة العرض: «إن مؤلف النص من الكتاب الذين لديهم اطلاع على تجارب المسرح العربي والعالمي، ومعايشته لهذه التجارب جعلته يحاول الغوص خلف الأفكار والرؤى التي يعبر عنها بطريقته الخاصة، وعمله هذا ذات الطابع الرمزي والذي يبحث فيه عن شيء ما.. محاولا إيجاده، وقد أعجبني مشهد البداية والنهاية لأنه يضعنا في إطار مسرحي مغلق ويظل البطل داخل دائرة مغلقة يتركه نهبا للتساؤلات، مذكرا بالبطل التراجيدي الذي يحاول أن يجد إجابة قدرية لكل هذه التساؤلات). • القاص محمد النجيمي وصف النص بأنه متجاوز لزمنه، ومنودراما تحسن إلى اللحظة التاريخية الراهنة ولو تقنعت بصوت فيروز التي تعادل موضوعيا ذاكرة الجمال العربي. • بطل العمل مساعد الزهراني ذكر أن هذه هي التجربة الرابعة له كتجربة فردية. وأضاف أنها تجدد روحه وتعيد تعامله مع الأشياء، وهي امتداد لتجارب سابقة تتكئ على بطل واقعي وعدة شخوص افتراضيين، موضحا أنه يجد فيها متعة غير طبيعية، لأن العمل الجماعي قد يخونك في ظل وجود بعض الأخطاء من قبل بعض الأشخاص المشاركين، مشيرا إلى أن العرض المقبل سيكون متناميا بشكل تلقائي وإضافات لأنك قد تحصل في المقبل على مفاتيح أخرى للنص.