في عسير.. من اسمها الصعب وجبالها الشاهقة، تنشأ البنت منذ نعومة أظافرها «ربة بيت»، تزرع وتحصد، تجمع الحطب، وترعى الغنم، تهتم بكل شؤون البيت وبكل ما حوى حيا كان أو جمادا، ولب كل هذا يجتمع في فطير الميفا «خبز التنور». في آواخر سبات الليل، وقبل أن يتنفس الصبح تصحو الفتاة العسيرية، تضيء ظلام الليل بوهج الجمر، تجمعه في الميفا حتى تصل درجة الحرارة، موعدا ترك أثره في كفها وهي تتعلم صنع الفطير، لا تخطىء الموعد تلصق عجينها في جوانب الميفا الملتهب، ولما يجهز تتلاقفه أيادي الأسرة بحرارته، غذاء أساسيا في كل الوجبات، ليكون وقودا لترويض الجبال سكنى لهم. أم علي قالت: «خبز الميفا علامة مميزة في منطقة عسير، من خلال طريقة صنعه وشكله المستطيل، والاقتراب من الميفا الملتهب عملية مضنية، وقبل ذلك يوضع الحطب داخل الميفا ويشعل بالنار حتى يجمر، ثم يتم إلصاق الخبز على جوانبه». وأضافت: «يجب على المرأة العسيرية أن تتقن صنع الفطير، قبل أن تخرج من بيت أسرتها. فأنا أمضيت 30 عاما وأنا أعجن الدقيق البر الأسمر مع الدقيق الأبيض مع الخميرة الفورية وذرة ملح، ويترك ليخمر لمدة ثلاث ساعات، ثم يخبز في الميفا، ولما يجمر الحطب، يزال كمية تقارب الثلثين من قلب التنور، وتوضع على غطاء الميفا حتى لا يحترق الخبز، ويصبح «قلفه» بكسر القاف وفتح اللام والفاء » .. وأشارت إلى أن الدليل على الخبازة الماهرة كثرة الحروق على يديها.