أكد وزير خارجية أوكرانيا كوستنتين غريشنكو أن بلاده تؤيد إعلان دولة فلسطينية ورسم حدودها وفقا للقوانين الدولية المعنية بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعبر غريشنكو في حوار أجرته «عكاظ» عن قلقه إزاء أحداث ما يعرف ب«الربيع العربي»، لكنه قال إنه لا يعتقد أن فرض عقوبات دولية سيحل أزمة سورية. ووصف العلاقات السعودية الأوكرانية بالعميقة والمتميزة، مؤكدا أن زيارة الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية لكييف أخيرا فتحت آفاقا جديدة للعلاقات بين البلدين. وحول علاقات بلاده مع روسيا قال لا بد أن نأخذ في الاعتبار أهمية العلاقات مع روسيا لأنها في بادئ الأمر تشكل أهمية استراتيجية للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي ككل، ثم للأمن الأوروبي. وفي ما يلي نص الحوار: • شاركتم في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك أخيرا، حيث التقيتم عددا من وزراء خارجية الدول العربية بمن فيهم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، فكيف تقيمون العلاقات السعودية الأوكرانية؟ في الواقع علاقاتنا مع المملكة عميقة ونهدف إلى تطويرها في المستقبل. ولا شك في أن افتتاح سفارة للمملكة في كييف مهد الطريق لقنوات دبلوماسية مهمة، انطلاقا من موقع أوكرانيا في أوروبا الشرقية وموقع المملكة في منطقة الخليج. كما كان لزيارة الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع ردة فعل واسعة في الأوساط الأوكرانية، كما أن الزيارة فتحت آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين. وكما تعمل الدبلوماسية السعودية على تأمين أمن واستقرار منطقة الخليج، فإن أوكرانيا ترى أهمية في تحقيق ذلك في شرق أوروبا ومع دول الشراكة الشرقية والاتحاد الأوروبي وروسيا. وتتلاقي الدبلوماسيتان السعودية والأوكرانية في ملفات ذات اهتمام مشترك مثل؛ الأمن النووي، الملف التجاري، دعوة رجال الأعمال السعوديين للاستثمار في أوكرانيا، الزراعة والتعاون مع المملكة لتحقيق الأمن الغذائي انطلاقا من أن أوكرانيا يمكن أن تكون سلة غذاء لما تتمتع به من تربة حسنة تهيئ إمكانات زراعية مهولة. وإلى جانب الملفات السياسية المهمة التي تشهدها الساحة العربية نتطلع إلى التعاون مع المملكة في مجالات الطاقة، الصناعة الثقيلة والتعليم. • لا نسمع كثيرا عن مواقف أوكرانية واضحة بشأن الملفات العربية، فما موقفكم من مبادرة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة؟ نحن نؤيد إعلان دولة فلسطينية ورسم حدودها وفقا للقوانين الدولية المعنية بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد شهدت كييف قبل اجتماع الأممالمتحدة تحركا دبلوماسيا للسفراء العرب حيث أتيحت الفرصة للتشاور والتعرف على الموقف العربي في هذا الصدد. • كيف ترون أحداث ما يعرف ب«الربيع العربي»، وهل تؤيدون فرض عقوبات دولية على النظام السوري؟ نحن قلقون على الأوضاع في المنطقة العربية وما يحدث من عنف. ونرى أن فتح مجال للحوار جدير بتحقيق نجاحات على الأرض. ونحن تربطنا بالمنطقة العربية علاقات قديمة تعود لعهد الاتحاد السوفيتي. واليوم وبعد مرور 20 عاما على استقلال أوكرانيا نفتح صفحات جديدة لتطوير هذه العلاقات إلا أن الظروف الآن صعبة. وفي ما يتعلق بالعقوبات لا نعتقد أنها يمكن أن تحل الأزمة في سورية لأنها تضر بالشعب السوري. وحسب معلوماتي فقد خفضت الشركات الأوكرانية متوسط إنتاجها اليومي من النفط السوري بسبب الأوضاع السياسية في سورية. • استضافت الرئاسة البولندية في العاصمة وارسو قمة رؤساء الدول والحكومات الأوروبية التي عقدت تحت شعار «الشراكة مع الجمهوريات المستقلة»، فكيف ترون مستقبل هذه الشراكة؟ هذه ثاني قمة تعقد في هذا الإطار. وقد عقدت الأولى عام 2009. وفي اعتقادي أن هذه اللقاءات مهمة جدا لتطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول أوروبا الشرقية خاصة التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، وفتح صفحة جديدة للعلاقات السياسية. ونحن على قناعة بأن الاتحاد الأوروبي احتاج إلى وقت كثير للخوض في هذه اللقاءات المشتركة التي هي في الحقيقة تشكل عمقا استراتيجيا مهما للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين. ونحن في أوكرانيا نتطلع لمزيد من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي فضلا عن تسهيلات للأوكرانيين الراغبين في زيارة أوروبا وتسهيل سبل الاستثمار، بجانب أن أوكرانيا تعتبر الممر الاستراتيجي لوصول الغاز والنفط الروسي إلى أوروبا. ومن هنا يأتي دعمنا للمبادرة البولندية السويدية التي انطلقت عام 2009 لفتح آفاق الشراكة الجديدة بين دول أوروبا الشرقية والاتحاد الأوروبي. وتعمل أوكرانيا من أجل توقيع اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي علما بأن مجموعة دول أوروبا الشرقية تضم إلى جانب أوكرانيا كلا من جورجيا، بيلاروسيا، مولدوفيا، أرمينيا، وأذربيجان. • خيمت على تلك القمة مشكلة رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة يوليا تيموشينكو التي يتوقع الحكم عليها بالسجن لمدة سبع سنوات، مما أثار حفيظة رؤساء الدول والحكومات الأوروبية الذين اعتبروا المحاكمة سياسية، فما تعليقكم؟ لقد جرت مشاورات على هامش قمة وارسو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وقدم رئيس الوزراء الأوكراني مقترحا حول كيفية حل أزمة تيموشنكو للإفراج عنها. وما زلنا نتشاور في هذا الإطار. وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يربط بين محاكمة قانونية ومشاورات اتفاقية التجارة الحرة. • سارعتم قبل انعقاد قمة الشراكة الشرقية بالتوجه إلى روسيا، فماذا كان محور الزيارة، وهل تمكنتم من طرح جميع الملفات التي تهم البلدين خاصة قبل استضافة وارسو للقمة؟ لا بد أن نأخذ في الاعتبار أهمية العلاقات بين أوكرانيا وروسيا لأنها في بادئ الأمر تشكل أهمية استراتيجية للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي ككل ثم للأمن الأوروبي. وكان من الضروري التشاور في موسكو حول ملفات مهمة سيما ملف الغاز. وهذه المفاوضات تسهل طريق الشراكة مع الجانب الأوروبي. • وقعت أوكرانيا مذكرة تفاهم حول الأمن النووي مع واشنطن على هامش اجتماع الأممالمتحدة في نيويورك، فكيف تقرأون تلك المذكرة؟ هذه المذكرة تأتي في ظل دبلوماسية أوكرانية تعمل على التوافق مع المطالب الدولية في ما يخص الاستخدام النووي. ونحن نؤيد الجهود الرامية لمنع انتشار السلاح النووي. كما نؤيد المبادرة السعودية الرامية لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. وقد تنازلت أوكرانيا في التسعينيات عن ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم. والآن ستمكنها مذكرة التفاهم الموقعة مع الولاياتالمتحدة من التقدم في الأبحاث النووية السلمية والتقنية، وبذلك تكون ثالث دولة في العالم في مقدورها الإنتاج التقني النووي. • تسعى أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، فإلى أين وصلت علاقاتكم مع الحلف؟ العلاقات بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي مبنية على اتفاقية الشراكة من أجل السلام التي تم توقيعها عام 1997. وأوكرانيا هي الدولة الوحيدة غير عضوة في حلف الناتو التي تشارك في مهماته لحفظ السلام وهي دولة شريكة للحلف. ونحن نتطلع إلى مزيد من الشراكة مع حلف الأطلسي، مع إرجاء ملف العضوية والحفاظ على سياسة أوكرانيا المستقلة، وذلك بناء على قرار صادر من البرلمان الأوكراني في فبراير من العام الماضي.