تُبرز زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أوكرانيا وبولونيا وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا اهتمام الإدارة الأميركية بالمنطقة السوفياتية السابقة وأوروبا الشرقية، وبدولها الاستراتيجية. وعلى رغم علو مكانة بولندا في سلم أولويات أميركا الخارجية بأوروبا الشرقية، ليست أوكرانيا آخر الاولويات الأميركية. وموقف المراقبين الأوكرانيين منقسم بين متحفظ ومتفائل. وهم يجمعون على اسهامها في بناء المجتمع المدني الأوكراني. فالولاياتالمتحدة تؤيد الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان، وتدعو الى احترامها. ويعزز الموقف الاميركي مكانة المدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان بأوكرانيا، في وقت فرضت السلطات قيوداً جديدة على وسائل الإعلام والتجمعات وتظاهرات الاحتجاج. وترضي زيارة هيلاري كلينتون كييف قسماً من النخبة الأميركية وأوساط قطاع الأعمال الأميركي الذي يريد التعاون الاستراتيجي مع أوكرانيا. وينظر قسم آخر من النخبة هذه بعين الريبة الى سياسة الرئيس الأوكراني الخارجية، ويرى انها موالية لموسكو وتسعى في إقامة «شراكة استراتيجية» معها مستفيدة من انتهاج الرئيس الاميركي، باراك أوباما، سياسة تحسين العلاقات الأميركية – الروسية. وأظهر فيكتور يانوكوفيتش جدية سياسته الداعية الى تحييد أوكرانيا عن الصراعات السياسية، وأقنع البرلمان الأوكراني بإقرار مشروع يكرس مبدأ عدم انضمام أوكرانيا الى أحلاف عسكرية، ومنها حلف «الناتو». ويقر الرئيس الاوكراني بعزم بلاده على مواصلة الاندماج بالاتحاد الأوروبي والتكامل معه. وعلى رغم أن السياسة هذه ترضي موسكو، فهي تطمئنها. فأوكرانيا تحافظ على علاقتها بحلف الأطلسي على المستوى الذي بلغته في عهد الرئيس السابق فيكتور يوشينكو، يوم كان الانضمام الى «الناتو» مدخلاً الى الاندماج في البنى الأوروبية. وأوكرانيا تشارك في قوات الرد السريع، في اطار الحلف. ولم تتخل قيادة «الناتو» عن فكرة انضمام أوكرانيا اليه. وهي تنتظر تحول الرأي العام الأوكراني صوب الفكرة. وليس واضحاً كيف يسع أوكرانيا توفير الأموال الضخمة اللازمة لتجهيز الجيش الأوكراني الكبير بأسلحة حديثة متطورة، على ما ينوي يانوكوفيتش، بينما مديونية الدولة الأوكرانية ثقيلة وعجز موازنتها كبير، وحاجتها الى قروض جديدة من صندوق النقد الدولي ملحة. وهذه كلها تحتاج الى دعم أميركي وأوروبي. ويشك في أن تعمد روسيا الى تعزيز قدرة أوكرانيا العسكرية على مستوى يتناسب مع مطامحها. ويحبذ أوكرانيون كثر تنويع بلدهم مصادر تسلحه، على ما تفعل الهند، وتجنب فخ التبعية لروسيا. الى ثقل سيباستوبول الاستراتيجي قاعدة لأسطول البحر الأسود الروسي، تريد روسيا من الاتفاق مع أوكرانيا على تمديد حق أسطولها في الرسو الى 2042 اقناع «الناتو» باستحالة ضم أوكرانيا اليه. وفي المقابل، كسبت أوكرانيا 40 بليون دولار، هي كلفة ايجار القاعدة محتسبة على تخفيض أسعار الغاز الروسي الى أوكرانيا. وعسر توحيد أو اندماج شركتي «نفتغاز» الأوكرانية و «غاز بروم» الروسية، جراء تفاوت قدراتهما المالية، يحمل أوكرانيا على التعاون مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا معاً، في سبيل تحديث نظام نقل الطاقة الأوكراني، وزيادة حجم كميات الغاز التي يضخها نظام النقل هذا لتبلغ 30 بليون متر مكعب. وعلى أوكرانيا الساعية في تطوير التعاون الأوكراني - الأميركي في مجال إنتاج الطاقة النووية السلمية، واستخراج مصادر الطاقة المحلية بواسطة الخبرات والاستثمارات الأميركية، التزام جانب الحذر، وتفادي الاصطدام بمصالح روسيا. فروسيا تولي الطاقة النووية، والتعاون على تطويرها مع أوكرانيا، مكانة عالية. * صحافي، عن «فزغلياد» الروسية، 2/7/2010، إعداد علي ماجد