على الرغم من الجهود المبذولة من أجل مواجهة العنف الأسري الذي يطال النساء والأطفال، إلا أن الحوادث المتوالية تكشف أن بيننا وبين وضع حد لمثل هذا العنف مسافة طويلة، وأن المستقبل القريب سوف يشهد استمرارا لها إن لم يكن تزايدا، نتيجة لما طرأ على الأسرة السعودية من عوامل أربكت العلاقات التاريخية القائمة بين أفراد الأسرة، ولم تتمكن من تأسيس علاقات جديدة تراعى فيها الحقوق والواجبات والتي فرضتها الحياة المدنية المعاصرة. مواجهة العنف الأسري لا يمكن لها أن تؤتي ثمارها دون وسيلتين أساسيتين، تتمثل أولاهما في وضع أنظمة صارمة تحدد مفهوم العنف وتصنف درجاته، وتنص كذلك على العقوبات التي تطال من يمارسون العنف ضد من يرعونهم من بنات وأبناء وزوجات، وأن يتم تفعيل تلك العقوبات على نحو يجعلها قادرة على إنصاف المعنفين من ناحية وردع من يمارسون التعنيف مستغلين الرعاية لمن يقومون بتعنيفهم. أما الوسيلة الأخرى التي ينبغي اعتمادها، فهي قيام حملة وطنية تستهدف التعريف بمفهوم العنف ونشر الوعي بين كافة أفراد المجتمع بأضرار العنف، وتوضح للمعنفات والمعنفين السبل والوسائل التي تحميهم من الوقوع في دائرة التعنيف، وكذلك الجهات التي يمكن أن يلجأوا لها عند تعرضهم للتعنيف، وبدون ذلك فإن حوادث التعنيف التي تبلغ حد الجرائم سوف تستمر في الاستشراء في مجتمعنا.