فور حضور رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ إلى المجلس منذ الصباح الباكر يسلم لمدير عام مكتبه ملفات المعاملات التي أنجزها مساء في منزله ثم يعرض عليه المعاملات الواردة إلى المجلس، ويستعرض كذلك المعاملات الداخلية المتعلقة بشؤون المجلس وينجزها ويحيل بعضها إلى المسؤولين والإدارات المعنية في جهاز المجلس، وفي كل صباح يطلع الدكتور عبدالله آل الشيخ على العرض الصحافي اليومي والذي يحتوي على ما كتب في وسائل الإعلام المختلفة عن كل ما له صلة بعمل المجلس واختصاصاته ومسؤولياته تجاه الوطن والمواطن. ويحرص عادة منذ بداية عمله الأسبوعي يوم السبت على التحضير لجلستي الأحد والاثنين للمجلس، فيطلع الرئيس على جدول الأعمال وتقارير اللجان المتخصصة حول الموضوعات المدرجة على جدول أعمال المجلس خلال الجلستين، وما يرد بشأنها من الأجهزة الحكومية، إلى جانب مقابلة بعض الأعضاء ومديري الإدارات في المجلس الذين لديهم موضوعات أو معاملات تحتاج إلى المفاهمة معه، وغالباً ما يخصص رئيس المجلس يوم السبت لاجتماع الهيئة العامة، وهي الجهاز الذي يتكون من نائب الرئيس والمساعد والأمين العام ورؤساء اللجان المتخصصة في المجلس وهي التي تتولى وضع خطة عمل المجلس وجدول أعمال جلساته العامة إلى جانب تنظيم شؤون المجلس وأعضائه بما يرسخ الاستقلالية للمجلس وفق ما قررته الأنظمة بهذا الشأن. ورغم أن مقر المجلس الذي يتميز بالجمال والأناقة في التصميم ويجمع بين الفن المعماري الإسلامي والفن الحديث يسوده الهدوء، إلا أن قاعاته تشهد حراكا دائما بفعل تعدد الاجتماعات وخاصة أيام الأحد والاثنين والثلاثاء التي خصصت لجلساته واجتماعات لجانه المتخصصة الثلاث عشرة، ويطلق عليها مجازا مطبخ المجلس؛ نظرا للدور الكبير الذي تقوم به هذه اللجان في إعداد الدراسات للموضوعات والتقارير السنوية للأجهزة الحكومية وتجهيزها للمجلس لمناقشتها والتصويت عليها ومن ثم رفعها لمقام خادم الحرمين الشريفين. برنامج حافل برنامج يومي حافل بالموضوعات الكثيرة المحالة من الحكومة يطلع الرئيس على ملف جدول أعمال المجلس الذي يتسلمه من الأمانة العامة للمجلس الذي يتكون من أساس كل موضوع مدرج ومرفقاته العديدة إلى جانب تقرير شامل من اللجنة المختصة التي درست الموضوع يتضمن رأيها، ويحرص الرئيس على أن يكون ملماً بهذا الملف ومحتوياته لما تقتضيه رئاسته للجلسة وإدارة سير أعمالها يومي الأحد والإثنين. ويعتبر يوم الأحد يوم عمل مميز؛ إذ يطلع فيه الرئيس في وقت مبكر من صباح هذا اليوم على جدول الأعمال النهائي ومرفقاته، ويحرص على الالتقاء بالأمين العام للمجلس لمعرفة ما استجد من أعمال والتأكد من اكتمال الترتيبات النظامية والفنية اللازمة لانعقاد الجلسة، كما يستمع إلى موجز من الأمين العام عن الموضوعات والتقارير التي تدرس داخل المجلس ولجانه العامة، وكذلك عن مسار المعاملات الجديدة المحالة للمجلس. ويستقبل آل الشيخ كذلك بعض الأعضاء الذين لديهم جوانب تتعلق بالموضوعات المطروحة أمام المجلس ويرغبون في إطلاعه عليها أو التشاور معه حولها قبل الجلسة. بداية الجلسات بعدها يتوجه الرئيس إلى قاعة الجلسات العامة لترؤس الجلسة التي تبدأ عادة بعد الساعة العاشرة صباحا فور اكتمال النصاب النظامي لانعقاد الجلسة وحسب ما أبلغنا به الدكتور آل الشيخ في الطريق إلى القاعة فإن المجلس يعد من أكثر المجالس نشاطا في مجال عقد الجلسات العامة فهو في حالة انعقاد طوال العام ولم يحدث أن ألغيت جلسة عامة لعدم اكتمال النصاب بالرغم من أن تشكيلة المجلس تضم أعضاء يقدمون من مختلف مناطق المملكة ، وتمتاز جلسة يوم الأحد عن يوم الإثنين ببدئها بنقاشات في الشأن العام، حيث يتيح الرئيس في مستهل الجلسة للأعضاء ممن لديهم مداخلات تتعلق بمقترح أو قضية أو موضوع ملح يهم الوطن والمواطن بطرحها أمام الأعضاء؛ وذلك في إطار تفاعل الأعضاء مع قضايا الوطن وهموم المواطن واحتياجاته ومناقشتها ودراستها والنظر في إمكانية تبني المجلس بعض المقترحات والمعالجات بشأنها والرفع عنها لخادم الحرمين الشريفين. ثم بدأت الجلسة بمناقشة الموضوعات المدرجة، حيث افتتح الرئيس الجلسة وطلب من الأمين العام تلاوة جدول الأعمال وإحاطة الأعضاء بمستجداته. وبدا للصحيفة التي تواجدت في الموقع أن الأعضاء أقروا محضر الجلسة السابقة دون اعتراض على محتوياته، وقد علمنا أن في كل جلسة يعقدها المجلس يسجل لها محضر خاص وهو ما يتطلب جهدا ووقتا من الأمانة العامة ومن ثم يتم عرضه على جميع الأعضاء، ويتم إقراره عادة قبل البدء في مناقشة الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال. وجدول الأعمال للجلسة يبدأ باستماع المجلس لرأي اللجنة المختصة المعنية الذي يتلو ملخصه رئيسها أمام الأعضاء وفي مكان مخصص في منصة الرئاسة ثم يطرح الموضوع للنقاش والتداول ويتيح رئيس المجلس للأعضاء تقديم طلبات التحدث في الجلسة عبر الحاسب الآلي، حيث طورت الأمانة العامة للمجلس برنامجاً تقنياً للأعضاء يتواصلون من خلاله مع رئيس الجلسة، وتسجيل الحضور، وطلب المداخلات، والتصويت، إلى جانب الاطلاع على المعلومات حول الموضوعات المناقشة، كما يتيح الرئيس التواصل معه عبر الورق لمن يرغبون في ذلك من الأعضاء. آلية المداخلات ثم طلب الرئيس من الأعضاء تقديم مداخلاتهم حول البند الثاني من جدول الأعمال، وبدأ الرئيس بالمناداة على أسماء الأعضاء الذين سبق أن تقدموا له بطلب المداخلة ورأيناه يقرأ ويقلب في الأوراق التي تصله من الأعضاء أولا بأول ويتيح للعضو تقديم رأيه دون مقاطعة مع الحرص على إدارة وقت الجلسة وحسن سيرها وإنجاز بنود جدول أعمالها؛ فكان يدير الجلسة بحزم وجدية إلا أنه في الوقت نفسه يظهر لينا ويقدم بعض التعليقات التي تضفي على جو الجلسة الأريحية، كما يتيح للأعضاء تقديم آرائهم بكل شفافية ويسمح للرأي والرأي الآخر حيث لم تخل الجلسة من النقد والثناء لأداء بعض القطاعات الحكومية. وعندما سألنا الرئيس لاحقا وعقب انتهاء جلسة ما قبل الظهر عن المعايير التي يتبعها عند اختياره للأعضاء لتقديم مداخلاتهم في الجلسة قال، إنه يحاول قدر الإمكان إعطاء الفرصة لكافة الأعضاء لتقديم مداخلاتهم حول الموضوع لكن ذلك لا يمكن تحقيقه في الواقع؛ نظرا لأن المجلس يضم 150 عضوا ولارتباط الجلسة بوقت محدد مما يفرض على رئيس الجلسة أحيانا الاكتفاء بعدد محدد من المداخلات التي تمثل الرأي المؤيد والرأي المعارض للموضوع المطروح للنقاش، حيث تكون الأولوية لمن تقدم بطلب المداخلة من الأعضاء مع مراعاة عدم تكرار مداخلة العضو في الموضوع نفسه؛ وذلك لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الأعضاء للمشاركة في الجلسة. وتوجد على منصة الرئيس مطرقة تسمى المطرقة البرلمانية تستخدم للتنبيه إذا علت الأصوات الجانبية صوت المتحدث في الجلسة، إلا أنه لم يستخدمها في هذه الجلسة، وعلمنا من بعض الأعضاء أن رئيس المجلس لم يلجأ إلى استخدامها سوى مرتين أو ثلاث طوال ترؤسه أعمال المجلس خلال الفترة الماضية. وتتوقف الجلسة عند أذان الظهر ويذهب الرئيس والأعضاء لأداء الصلاة، وبعد الصلاة يعود الرئيس للمكتب لاستكمال العمل والتحضير للجزء الثاني من الجلسة، في حين يذهب الأعضاء لتناول بعض المرطبات والوجبات الخفيفة، وعادة ما يلتقي رئيس المجلس خلال فترة التوقف ببعض الأعضاء والضيوف. ويخصص رئيس المجلس أيام السبت والثلاثاء والأربعاء لاستقبال ضيوف الدولة، أو سفراء الدول الشقيقة والصديقة، وفي بعض الأحيان يوم الخميس، حيث استقبل في مكتبه يوم الخميس الماضي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي أمين لجنة الحزب الشيوعي في مدينة تيان جين في جمهورية الصين الشعبية تشانغ قاولي. ويتابع الرئيس أعمال اللجان واجتماعاتها، ويدعم ما تحتاجه لإنجاز أعمالها، ويلبي الرئيس الخطابات التي ترد إليه من رؤساء اللجان بطلب حضور مسؤولين من القطاعات الحكومية ويمهرها بتوقيعه ويتم إرسالها إلى الوزراء وكبار المسؤولين، وحسب ما أبلغنا به الرئيس فإن المجلس يجد تجاوبا دائما من الوزراء والمسؤولين، حيث يحضر مسؤولون بدرجة نائب وزير أو وكلاء ومسؤولون آخرون مناقشات اللجان لتقارير الأداء لجهاتهم أو أية موضوعات تتعلق باختصاصات قطاعاتهم. كما تحيط الأمانة العامة للمجلس الرئيس بشكل مستمر بما يدور من أعمال داخل هذه اللجان. ويسعى الرئيس إلى تعزيز تواصل المجلس مع المواطنين إلى جانب الآليات المتاحة حاليا سواء أكانت حضورية أو عبر الموقع الإلكتروني للمجلس، وقد أعلن أخيرا عن استحداث إدارة جديدة بالمجلس تعنى بالتواصل مع المواطنين. عرائض المواطنين ويستقبل مجلس الشورى عرائض المواطنين بشكل يومي، حيث ترسل العريضة المقدمة من المواطنين للرئيس ثم يحيلها للجنة المختصة بموضوع العريضة للنظر فيها وما تحمله من مقترحات، وفي الأشهر الماضية تبنى المجلس بعضاً من مقترحات المواطنين منها مقترح قدمه مواطن تضمن تخصيص رقم موحد للطوارئ، وأحاله رئيس المجلس إلى اللجنة المختصة التي خاطبت المواطن عبر البريد الإلكتروني وشكرته على مقترحه، ورأت اللجنة وجاهة المقترح فتبنته ووضعت له نظاما بالتشاور مع الجهات المعنية وستتم مناقشته في المجلس. وتحظى أعمال لجنة حقوق الإنسان والعرائض باهتمام رئيس مجلس الشورى، حيث ترأس أول اجتماعاتها وهو ما يتيحه له النظام وذلك بحضور مواطنين سبق أن قدموا عرائض للمجلس، ودار خلال الاجتماع نقاش شفاف، واستمع الرئيس إلى آرائهم، وأعلن إنشاء إدارة بالمجلس للتواصل مع المواطنين انطلاقا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالحرص على المواطنين وتلمس احتياجاتهم وهمومهم. ساعات العمل ويمتد عمل الرئيس اليومي إلى ما بعد الساعة الثالثة بعد الظهر، في حين يمتد عمله في رئاسة الجلسة العامة للمجلس حتى أذان العصر، وقد ينتهي المجلس أحيانا قبل ذلك إذا أنهى الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال. وفيما يخص وسائل الإعلام يوجه آل الشيخ بضرورة الانفتاح عليها والتواصل معها وتمكين مندوبيها من حضور الجلسات، وفي هذا السياق عين الرئيس متحدثاً إعلامياً باسم المجلس للرد على استفسارات الإعلاميين والتواصل معهم. ولا يجد الرئيس حرجا من انتقاد الآخرين للمجلس، ويقول «إذا كان المجلس ينتقد الآخرين في سياق دوره الرقابي، فمن باب أولى أن نتقبل النقد من الآخرين». ومن الموضوعات التي اهتم بها الرئيس منذ توليه تطوير أداء المجلس والارتقاء بمستوى إنجازه فعمل على تطوير قواعد العمل في المجلس ولجانه المتخصصة فكان ثمرة ذلك إصدار المجلس 154 قراراً في السنة الثانية من دورته الحالية التي انتهت في الثالث من شهر ربيع الأول الماضي، مما يعد إنجازاً غير مسبوق في عدد القرارات التي أصدرها المجلس، تزيد في مجملها عن القرارات التي صدرت خلال السنوات الأربع للدورة الأولى. وفي حياته الخاصة يحرص الدكتور عبدالله آل الشيخ على ممارسة رياضة المشي بشكل دائم حتى أنه لا يقطعها في زياراته الرسمية، كما يحرص على النوم والاستيقاظ المبكر.