«الحمدلله وحده وبعد: من محمد بن إبراهيم إلى حضرات المكرمين الأمير .. و...و... سلمهم الله وهداهم وتولانا وإياهم آمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد وصل إلي كتابكم حول طلبكم القاضي ونحن مازلنا ولن نزال طارحين البال وحريصين جدا في التماس من يصلح لكم ....فينبغي مؤازرته ومناصرته والأخذ بخاطره، والقيام على الجاهل الذي يعترضه بأذى لأن سلوك هذا الطريق مما يشجع القاضي وينشطه في أداء مهمته بسرور وارتياح، ولأن بهذا منازعة القاضي والتكلم في حقه بما لا يليق معصية، ولا شك أنكم تشعرون بهذا من واجبكم وإنما ذلك منا لكم على سبيل المذاكرة وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». الله يسكن عظامك الجنة يابن إبراهيم .. الله يرحمك يابن إبراهيم .. وقدس الله روحك وجمعنا بك في الفردوس الأعلى .. وكأن هذه المكاتبة نور أشع على قلبي بالسكينة والهدوء .. وانتابتني قشعريرة في ليلة هادئة في أجواء تبوك الباردة .. وكأنها إلهامات عادلة جعلتني أصيغها بأسلوب عصرنا وبثقافته. إن المكاتبة تشير إلى أنه من الضروري، عند صنع التطوير والرغبة الحقيقية في تجسد القرارات، هو صنع القناعات الذاتية الإيجابية وتحضيرها لدى القضاة، لتحفيزهم نحو التغيير الإيجابي المنشود، في مجتمعهم الصغير (القضاء) أولا، ومجتمعهم الكبير (المجتمع). عبثا أن نقول للقضاة هيا اقتنعوا .. هيا اذهبوا للمناطق النائية !! أو بأي قرارات وتطويرات في مسيرة أعمال ترسخت منذ ثمانين سنة أيا كان نوعها دون تلمس حقيقي لما يصرف أذهانهم عنها من تشتت الهموم الحياتية والوظيفية، ودون أعذار لحاجة سلكهم الخاص للإصلاح الجذري، ولست هنا أتيت لأقول : لمن تعود صلاحيات هذا النمط من الإصلاحات القضائية ؟ ولكن بحاجة لنقول إن الأمر جاد جدا وبحاجة ماسة للإصلاح. بعض أصحاب القرار كانوا قضاة سابقين ويعلمون حاجة السلك الوظيفي لزملائهم السابقين لمزيد من الدفع للأمام. ومازالوا يؤكدون حرصهم على هذا، وكلي أمل أن يتحقق على يديهم كل مايسعد السلك القضائي. تحدثت في المقالة السابقة عن انصراف الجزء الكبير من الأعمال التطويرية في البنى التحتية. ولكن أبجديات النهضة تحتم أنه من الضروري ومن الأولويات ألا تغيب هذه الإصلاحات عن كيان الكفاءات التي تقود مسيرة النهضة. عن كيان القضاة أنفسهم، والرفع من مستواهم الوظيفي والصحي والإسكاني و نجد الحاجة ماسة إلى إيجاد مؤسسة نهضوية اعتبارية مهمتها تنمية المجتمع القضائي الصغير، المكون إلى الآن من 1400 قاض، ودمج كل فرد من أفراد هذا المجتمع الفاضل في مشروع التطوير ليكون شريكا في صناعة التغيير. وذلك لأن لدى كل قاض من الطاقات الكامنة، التي لو وجدت الظروف المناسبة للتفاعل مع الدعم الحكومي لتطوير المرفق القضائي، لأنتجت أروع الأمثلة والنتائج في التغيير الحضاري الإيجابي المنشود. وعلى هذا جرى التوقيع ..وسننهض في لقاء آخر ..وصلى الله وسلم على نبينا محمد.