إذا نظرنا إلى لعبة الكراسي أو لعبة الشطرنج وما يحدث فيها من تدافع فكري وتنافس مؤلم سنفهم تماما معاناة أصحاب الكراسي الكبيرة، فالكرسي البسيط له دور مهم في حياتنا. وقد نبجل شخصا ما أحيانا من أجل كرسيه، وقد نذم الآخر أيضا، فالكراسي مقادير ظاهرية إن سطت على جالسها تفوقت عليه وإن سطا جالسها عليها تفوق، فما أن يجد الملهوف كرسيا حتى يتكئ عليه ليرتاح بدنه من وعكة العناء والتعب، فالكرسي عربون احترام للواقفين على الجالسين ولو بالتضحية ببعض الوقت والوقوف. ما أن ندخل قاعة حتى نبحث عن كرسي قريب من تلك المنصة ونحجز الكراسي المجاورة لأحبائنا القادمين حتى نشاهد عن كثب ذلك الاحتفال، وليس عجبا أن يدفع الضعف لمن يحجزون الكراسي في ناصية المسرح ليستمتعوا دون سواهم بتلك المسرحية أو تلك الحفلة الغنائية، ليس عجبا هذا الاهتمام بالكراسي فحبها مفطور في داخلنا فهي ترفعنا عن الأرض التى نتكبر عليها وكأننا ننكر العودة إليها ونتجاهل أننا خلقنا منها، ورغم عشقنا لتلك الأعمدة التي ترفع ظهورنا إلا أننا نجهل تماما لعناتها الفتاكة، فهي مخيفة على قدر احتياجنا إليها، وقد تعمينا لدرجة أنها تنسينا أنفسنا فنتشبث بها ويأخذنا جنون العظمة ونخسر المحبين والأقربين ثم على غفلة نكتشف أنها تورثنا ولن نورثها أبدا. وها هي تعود لتحدث ثورة في عالمها الخفي.. صافية عبد الله