إن كان (أوجستو بول) رائد مسرح المقهورين، فليشهد التاريخ بأن هناك مسرحا جديدا اسمه (مسرح المخدوعين) نحن رواده، وسأبرر اكتشافي بعد سرد مشاعري كواحد من الحضور شغل مقعدا ذات مساء مسرحي. استيقظت من النوم الساعة السابعة مساء فرحا طروبا لأني على موعد مع حضور مدرسة أحبها تحديدا سُميت اصطلاحا بالتجريبي في مناسبة الاحتفال بيوم المسرح العالمي، تذكرت معلم المسرح في الجامعة الذي كان يقسو علينا لدرجة أن عشقنا شكسبير كان يقول: احذروا أن تتذوقوا المسرح من خلال مجربي المسرح حتى لا تنصبوه العداء، قلنا ومن هم قال: (من يزعمون أنهم أحاطوا بكل شيء علما فقدموا وهما على وهم، وشوهوا وجها مضيئا عدوانا وظلما)، تذكرت كلامه وأنا في الطريق إلى المسرح، وبمجرد أن تموضعت على واحد من الكراسي في الصفوف الوسطى تمنيت على من صمم تلك المدرجات لو وضع في الحسبان ترك مساحة للخروج والدخول، أو على الأقل نستعين بعلماء النفس! لمعالجة فرط الحركة فينا بعرض مسرحي يجذب الجمهور بحيث يلتزم مكانه لآخر العرض دون أن يطأ أقدام الآخرين التي تورمت بخروجه ودخوله فنصبح تبعا لذلك من المقهورين حقا. ومع أني أدركت معنى القهر بتورم قدمي ناهيك عن أمور أخرى أحتفظ بها لنفسي، إلا أن سعادتي بتعرفي على مسرح المقهورين غامرة، تعجبت لماذا نشعر بالنشوة ونحن نصنف أنفسنا من المقهورين، وهل لهذا الشعور علاقة بعلم النفس؟ أترك الإجابة للمتخصصين في علم النفس فقد يجيبون عن استفساراتي كمتفرج في عرض مسرحي جديد. وبدأ عرض مسرحية الإكليل وتابعتها عازما على الحديث عنها بتجرد كامل إلا من ملابسي! ولا أعلم ما علاقة المسرح التجريبي لدى البعض بخلع الملابس أو الزهد فيها، هل المسرحية برعاية نادي كمال أجسام!! وعند التجرد ليس من الملابس بل التجرد من علاقاتي بأحبائي “الاكليليون” الذين سبق أن احتسيت معهم القهوة ذات بروفة عابرة، والتجرد أيضا من مودتي لجمعية الثقافة والفنون التي وافقت على شراء مئة نسخة من كتابي دعما لشخصي التعيس ومازلت أشكر لهم حسن صنيعهم الذي كاد يخرجني من دائرة المقهورين في الأرض.. انتهت مساحتي وللحديث بقية لتحليل الإكليل واكتشافي لمسرح المخدوعين.. يتبع