بخطى فرحة، دخل الطفل مسرورا وفي يده ورقة يلوح بها وهو يقول «أبي، أبي، فاتورة، فاتورة). تجهم وجه الوالد ويده تلقف بشرى ابنه فإذا هي فاتورة كهرباء. عبس وبسر حين طالع المبلغ إنه فوق 500 ريال، وتذكر أنه لا يملك إلا ريالات معدودة يقوت بها أسرته حتى آخر الشهر. لم يسلِم نفسه إلى التفكر في شظف العيش، ودعاه نصب اليوم الوظيفي إلى القيلولة متناسيا بشرى الصبي. وفي يوم قائظ وبعد تناوله غداءه، دلف إلى حجرة نومه وداعب النعاس عينيه اللتين كانتا والمنام على ميعاد لا يخلفه محب، ولم يدم تنعمه بلذيذ نومه فإن موظف الكهرباء مر كالجابي في وهج الظهيرة فأوقف تيار الكهرباء عن دار صاحبنا إذ لم يسدد الفاتورة منذ شهرين وحينها تراءى في مخيلة الوالد وجه ابنه مبتسما مبشرا بالفاتورة. أحبتي القراء، إن صاحبنا هذا موظف لديه راتب محدود أَبت كثرة الأعباء تمكينه من حسن التدبير لدراهم معدودة، فكيف بِأسر في بيوتات كثيرة ضاقت بها الأحوال، وفي تلك البيوتات عجزة وفي أخرى أرامل فقيرات وأخرى، وأخرى، إنهم لا يملكون سداد الفواتير ولا غنى لهم عن الكهرباء، وموظفو الشركة ملزمون بقطع التيار عن الذين تم إنذارهم مرارا ثم لم يبادروا بالسداد. وبين إيجاب الشركة على المعوزين أن يسددوا، وبين عجز أولئك يثار جدل مفاده أنه يجب أن تكون لدى شركة الكهرباء إعادة النظر في كيفية معالجة هذه الإشكالية، وبعد فإن لدي اقتراحات أحب طرحها لعل الله ينفع بها وتتلخص في: 1 ضرورة مسارعة وزارة الكهرباء في إنجاز مشروع إنشاء أكثر من شركة كهرباء في بلادنا، ولو تم ذلك فسنرى الرسوم تخفض، كما رأينا ذلك بعد فتح باب الإذن بإنشاء شركات الاتصالات. 2 نأمل من مجلس الشورى دراسة إمكانية أن تتحمل وزارة الشؤون الاجتماعية فواتير كل أسرة تتقاضى معاشا من مصلحة الضمان الاجتماعي، ومعلوم أن الضمان في غالبه من زكاة الأموال. 3 ثم لماذا لا تطرح فكرة تقسيط سداد الفواتير قبل فصل التيار عن دار من عجز عن السداد ليرفع ذلك الحرج عن كثير من صغار الموظفين بل ومن لا يجد وظيفة. 4 ونأمل من مجلس الشورى دراسة إمكانية أن تكون لدى شركة الكهرباء ما نعبر عنه «بشريحة مجانية» ونقصد بها أن تكون لدى الشركة منحة استهلاك للكهرباء دون رسوم ولا تبدأ الشركة بأخذ رسوم إلا بعد تجاوز المستفيد للحد المجاني. 5 إعادة النظر في كيفية حساب فواتير استهلاك الكهرباء. 6 أن تنشئ وزارة الكهرباء جهازا إرشاديا إعلاميا عبر تقنية الاتصالات يقدم توجيهات تعريفية يلم المستهلك من خلالها بثقافة استهلاك الكهرباء. وختاما، فإننا على ثقة بولاة أمرنا وحرصهم على إسعاد المواطنين، وإنما سطرت رأيي إسهاما في التذكير بحلول يثري طرحها مضي الجهات المعنية في حل إشكالات قائمة لدى كثير من الناس. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد في المدينةالمنورة وخطيب جامع الخندق. [email protected]