يتذمر الكثيرون من أن نظام «ساهر» لرصد المخالفات المرورية يلتهم جزءا غير يسير من مرتباتهم، وآخرون يتهمونه بالتجني عليهم، وفئة لم يكتفوا بالتذمر منه، بل تهجموا على سيارات «ساهر» بالتكسير أو طمسوا عدسات كاميراته بالبخاخات أو اعتدوا على موظفيه شخصيا، وفئة طريفة فضلت اللجوء إلى تصوير مقاطع طريفة وبثها على اليوتيوب تتندر على «ساهر» وموظفيه أو تنتقدهم على المواقع الإلكترونية والمنتديات وتكيل له تهم لها أول وليس لها آخر، وفئة أخرى قررت الترصد لكاميرات «ساهر» من خلال كشف مواقعها عبر برامج خاصة على أجهزة الآيفون تحدد بدقة مواقع الكاميرات «ساهر» متهم من قبل الكثيرين بأنه نظام ربحي أكثر منه تنظيميا، وآخرون لا يعترفون بأنه نظام أصلا؛ لأن النظام كما يرون، وربما هم محقون إذا كانت التسمية هي محور المشكلة أنه لا بد أن يمر عبر مجلس الشورى، ثم هيئة الخبراء، ثم يصدر النظام ويقر بموافقة مجلس الوزراء، وهو ما لم يتم مع «ساهر»، وبالتالي فلا ينطبق عليه وصف النظام المتعارف عليه. وبقي السؤال الأهم الذي لم يجدوا له جوابا حتى الآن: لماذا تختبئ كاميرات «ساهر» بين الأشجار أو تحت الجسور لترصد المخالفين، وليست في مكان ظاهر يراه السائقون؟! إذا كان الهدف من «ساهر» تنظيميا للسيطرة على سرعة المركبات وتقليل نسب الحوادث على الطرقات، فالأجدى أن تكون كاميراته في مكان ظاهر وبأعداد أكبر مما هي عليه الآن كما في معظم دول العالم فيتحقق الهدف المنشود منها بتخفيف السرعة إلى المحددة نظاما، ولا يضطر المتهورون والمخالفون إلى السرعة متى أمنوا أعين «ساهر»، ويخففون سرعتهم ويتسببون في الحوادث متى «اشتموا رائحتها»، ويقطع «ساهر» بذلك الطريق على متهميه بالربحية والجباية. «ساهر» تنظيما متحضر ولا شك، إذا ما طبق كما يجب، والسائقون في طرقات مدن المملكة لا مثيل لهم في كل الدنيا؛ فهم الوحيدون الذين تنتهي علاقتهم بالأنظمة المرورية وإشارات المرور واللوحات الإرشادية بمجرد خروجهم عبر بوابة مدرسة تعليم القيادة وحصولهم على الرخصة، ليبدأ مشوار «المساقطات»، قطع الإشارات، تجاوز خطوط المشاة، التجاوز عبر المسار الأيمن، عكس خط السير، الوقوف أقصى يمين الإشارة الحمراء «دق بوري إلين ينكسر راسك ما راح اتزحزح»، الشتائم والصراخ اليومي، «حده على الرصيف»، الأفضلية لم تكن في يوم من الأيام للقادم من الدوار، و«اللي مو عاجبه يخبط راسه في أتخن جدار، العجرة تحت مقعد السائق»!!. باختصار، الثقافة المرورية في شوارعنا وطرقاتنا ليست صفرا وإنما تحت الصفر، ليس على مستوى السائقين وحدهم، ولكنها تتعداهم إلى بعض من يباشرون الحوادث المرورية ولا يزالون يطبقون الأنظمة بمبدأ «كل واحد يصلح سيارته»، ولا شك أننا نحتاج إلى أكثر من مجرد حملات توعية بالالتزام بأنظمة المرور، نحن بحاجة ماسة إلى نظام جاد وصارم وأكاديميات لتخريج السائقين عبر برامج مكثفة وطويلة، يدرسون ويتثقفون من خلالها تثقيفا متحضرا وعلميا بفنون القيادة على الطرقات ويمنحون شهادات دبلوم قيادة مركبة بعد اجتيازهم لاختبارات قاسية ويخضعون لفترة تجربة ميدانية قبل منح رخصة القيادة لهم، ونحن بحاجة ماسة إلى دورات تأهيل مكثفة لرجال المرور للتعامل مع فوضى السائقين على الطرقات، ونحن بحاجة ماسة إلى محاكم مرورية، وإلى أن نعي بأن حوادث المرور تحصد من الأرواح سنويا أكثر مما حصدته الحربين العالميتين، ومما يحصده فيروس الإيدز، ومما يحصده الإرهاب من أرواح، وأن حوادث المرور العدو الأول للإنسان. نحن بحاجة ماسة إلى نظام «ساهر جديد» لتثقيف «ساهر الحالي» وتعليمه ثقافة الظهور وعدم الاختباء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة