مشروع ساهر المروري مازال مثار تجاذبات اجتماعية، فمنذ البدء في تطبيقه في العاصمة الرياض والقصيم في شهر ربيع الثاني 1431ه.. كمرحلة أولى تم الانتقال الى تعميمه على مدن العاصمة المقدسة، المدينةالمنورة، وجدة كمرحلة ثانية في شعبان الماضي، الى ان اطلقت ادارات المرور مرحلته الثالثة في كل من المنطقة الشرقية، وعسير، وتبوك بدءاً من شوال الماضي، ونقول تجاذبات باعتباره نظاما جديدا، جاء من اجل المصلحة العامة للحد من السرعة والحوادث المرورية العالية العدد، لكن الجتمع بدأ بين مرحب به، ومتحفظ عليه من جهة كون كاميراته في مواقع لم يتم فيها تحديد السرعة بشكل واضح، الامر الذي جعل هؤلاء يتهمونه كما لو كان «جابياً». فكرة المشروع وساهر هو نظام آلي لادارة حركة المرور باستخدام نظم اليكترونية تغطي المدن الرئيسية في المملكة، وقد جرى حتى الآن نشر كاميرات متحركة واخرى ثابتة لرصد مخالفات قطع الاشارة والسرعة، حيث يتم رصد المخالفات آلياً من الكاميرات عن السيارات المخالفة، وارسال صورة لوحدة السيارة الى مركز معالجة المخالفات، ثم الحصول على معلومات عن مالك السيارة من قاعدة البيانات الوطنية، واصدار المخالفة، ثم سدادها عن طريق نظام ساهر لدى البنوك المحلية. أهداف المشروع ويهدف مشروع ساهر لتحسين السلامة المرورية، وتوظيف احدث التقنيات في مجال النقل الذكي او ما يعرف بITS لايجاد بيئة مرورية آمنة، ورفع كفاءة شبكة الطرق المتوفرة حالياً، وتدعيم الامن العام باستخدام احدث نظم المراقبة، والعمل على تنفيذ انظمة المرور بدقة واستمرارية. انخفاض الحوادث وتشير التقارير الى ان ادارة مرور الرياض قد رصدت بعد فترة وجيزة من تطبيق نظام ساهر انخفاضاً ملحوظاً في معدل السرعة من اماكن الرصد الآلي وصلت الى 19% وان وفيات الحوادث سجلت خلال اسبوع واحد انخفاضاً وصل الى اكثر من 30% مقارنة بالفترة نفسها التي سبقت تطبيق النظام. كما شهدت شوارع الرياض تحسناً ملحوظاً طرأ على سلوكيات السائقين بعد التطبيق العملي لنظام ساهر، ولوحظ التزام نوعي من السائقين لانظمة وقواعد المرور، مما يشير الى متابعة اولياء الامور لابنائهم ومكفوليهم من السائقين وغيرهم الذين يستخدمون السيارات. وفي جدة ذكرت تقارير صحفية عن مرور جدة ان انخفاضاً قد طرأ على نسبة الحوادث خلال فترة عيد الفطر المبارك الماضية، وصل الى حوالى 33% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وان اجمالي الحوادث في اجازة العيد لم يتجاوز 500 حادث في كامل المحافظة للمرة الاولى في تاريخ المرور مرجعا السبب في ذلك الى تطبيق مشروع ساهر، الذي تم تطبيقه داخل جدة وعلى الطرق السريعة والطريق الساحلي. انتقادات للمشروع وفي المقابل ظهرت جملة من الانتقادات لمشروع ساهر، رغم وجاهته كفكرة عصرية مهمة.. وقد تحدث عدد من الكتاب وقدمت بعض التحقيقات الصحفية التي تنتقد جوانب في المشروع، وكان من ابرز من تحدث في هذا الموضوع صاحب السمو الملكي الامير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة عكاظ 20 شوال 1431ه عندما قال سموه: ان الهدف من نظام ساهر هو سلامة المواطن واشعاره بأن هناك كاميرا ترصد اخطاءه ليتداركها فهي اولا من اجل السلامة. وفي ذات السياق انتقد عدد من اعضاء مجلس الشورى نظام ساهر، فطبقاً ل»اليوم» اعرب عدد من الاعضاء بالمجلس عن مطالباتهم بالتأني في تطبيقه لما يحتويه من اخطاء كثيرة، مثل ضرورة ظهور صورة المخالف، وطبيعة وموقع المخالفة، مشيرين الى ان النظام اعطى بموجب المادة 75 من نظام المرور حتى الاعتراض على المخالفة، اما اذا كان السائق يدفع فقط دون ان يعرف سبب المخالفة، واذا لم يدفع خلال شهر فان المخالفة تضاعف، فهل يعقل هذا؟ وقال العضو د. عبدالرحمن السويلم ان الجميع استبشر عندما اعتمد النظام الجديد للمرور ساهر، والذي كشف مع قصر التجربة ان في مجتمعنا شرائح كبيرة لا تعرف اصول القيادة، والاحاطة بالعلامات والنظام المروري، ومع ان الهدف من النظام هو حماية المواطن وسلامته، الا ان ما حدث سوف يدين المرور في حالة لجوء البعض الى القضاء، كما ان في مضاعفة العقوبة - على ما اظن - محاذير شرعية لا تجوز فضلا عن ان هناك مرضى وعجزة وفقراء، فقد تثقل هذه الرسوم كاهلهم، ولذا اتساءل: هل اخذ المسؤولون عن تطبيق النظام هؤلاء في الاعتبار؟ نحن لا نريد ان يتحول الهدف النبيل من النظام الى اسلوب قاس يولد الحقد لدى افراد المجتمع، فالهدف ليس جباية أموال. وبعد فاننا نعتقد ان على الادارة العامة للمرور اعداد دراسة وافية من كل الجوانب على مشروع ساهر، حيث يتم تعزيز الايجابيات وتلافي السلبيات، وتأمل الملحوظات التي طرأت من واقع التجربة ومن الميدان على هذا المشروع الحيوي المهم، بعد ان وصلت الحوادث المرورية عندنا الى حد لا يطاق، حتى يمكن لنظام ساهر ان يؤدي اهدافه النبيلة على الارض بشكل جيد ومتناغم.