في الوقت الذي تستعد فيه ليبيا لمرحلة ما بعد القذافي، تبرز أحداث سورية بشكل أكثر وضوحا، وتضع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو أمام تحديات جديدة على ساحة الشرق الأوسط، مع الإصرار الشديد للمجتمع الدولي بفرض مزيد من العقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية وقف استيراد النفط من سورية الأمر الذي سيكبد الاقتصاد السوري خسائر فادحة. حول هذه المعطيات والإجراءات الدولية والأوروبية لتحقيق نجاحات على الساحة السورية بأقل الخسائر الممكنة، تستطلع «عكاظ» الموقف الأطلسي، إذ صرح مسؤول كبير في حلف الأطلسي في بروكسل(طلب عدم ذكر اسمه) في حوار مع «عكاظ» أنه لا توجد أجندة عسكرية تتعلق بحل الأزمة السورية، مؤكدا أن مثل هذه الأجندة بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن منوها بأن التحرك العسكري الأطلسي بحاجة إلى مظلة أممية تماما كما هو الحال بالنسبة لمأمورية ليبيا. وأكد المسؤول ردا على سؤال «عكاظ» أنه لا توجد إلى الآن خارطة طريق لأوضاع سورية ما بعد الأسد ،غير أنه شدد على أن الأزمة السورية تؤثر بشكل أو بآخر على مسار عملية السلام في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن المسؤولين في حلف الأطلسي يضعون في عين الاعتبار الشأن السوري وارتباطه بعملية السلام في المنطقة. مؤكدا أن الحل ينطوي على الإسراع في إصلاحات حقيقية داخل سورية تحقق مسارا ديمقراطيا حقيقيا، وتحقق مطالب الشعب السوري في الحصول على الديمقراطية والحرية والاستقرار والأمن. وثمن المسؤول في هذا الصدد موقف المملكة، ومواقف ومبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مؤكدا على أهمية علاقة الناتو مع المملكة، ودول مجلس التعاون الخليجي، موضحا أنها علاقة جيدة ومتطورة. وشدد على أهمية دعم العلاقات الأطلسية ومنطقة الخليج، موضحا أنها علاقات تمكن من بناء سياسات الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة بالنسبة لملفات ليبيا وأفغانستان والملف النووي الإيراني. معتبرا أن الأحداث بشكل عام باتت متشابكة بشكل مقلق الأمر الذي يتطلب حلولا جذرية سريعة. وبسؤاله حول ما يتردد من أن تدخلا عسكريا في سورية يشكل تذكرة مرور للناتو لضرب مواقع نووية في إيران قال المسؤول الأطلسي: «إنه سمع هذه التكهنات و ليس لها أي أساس من الصحة». ورأى المصدر أن المساعي التركية مهمة للتوصل إلى حل في سورية. مشيرا إلى أن أنقرة عضو مهم في حلف الأطلسي، وأن التحرك التركي يلقى ترحيبا كبيرا في أوساط الناتو رغم عدم استجابة الرئيس السوري بشار الأسد إلى المقترحات التركية. وفيما يخص التنسيق الأطلسي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لا سيما بعد تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد، ومطالبته بتنحي الرئيس السوري، ووقف الولاياتالمتحدة لاستيراد النفط من سورية قال المسؤول: «إن الولاياتالمتحدة عضو فاعل في حلف الأطلسي، ومن هنا يبدو من الطبيعي والمؤكد أن قنوات الاتصال الأطلسية الأمريكية مستمرة ومتواصلة تماما، كما هو الحال بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي العضو في حلف الأطلسي وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا فضلا عن فرنسا التي يتم معها تنسيق واسع بشأن الملف السوري. وعلى الصعيد الأوروبي أكد مايكل مان الناطق باسم وزيرة خارجية الأوروبي ل «عكاظ» أن الاتحاد الأوروبي أعلن عقوبات جديدة على سورية تتعلق بالقطاع النفطي، وهي تتعلق بحظر استيراد النفط الخام من سورية، وهو إعلان جرى تحضيره من قبل سفراء الاتحاد الأوروبي أخيرا. مشيرا إلى أن أوروبا تستورد 95 % من النفط السوري الخام، وهو ما يشكل ثلث واردات البلاد. وقال الناطق إن هناك قناعة من ضرورة تنحي الرئيس السوري عن منصبه، وفتح المجال لسياسات الإصلاح. مؤكدا حرص الأوروبي على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية لما تشكله من عمق أمني لأوضاع المنطقة بشكل عام. وأشار الناطق أن الأوروبي أدان مرارا أعمال العنف في سورية، والممارسات التي تؤكد على أن هناك خرقا واضحا لحقوق الإنسان، وحدوث جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، منوها بأنه ليس هناك طموحات أوروبية لأي تحرك عسكري في سورية. في نفس الإطار أكد الناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفان زايبرت ل «عكاظ» أنه لا توجد أية تطلعات لتحرك عسكري باتجاه سورية، مشيرا إلى البيان الثلاثي الذي صدر أخيرا عن ألمانياوفرنسا وبريطانيا، والذي يدين العنف في سورية، ويؤكد على تجاهل النظام السوري لمطالب المجتمع الدولي، ومجلس التعاون الخليجي، وأن الدول الثلاث أعلنت بكل إيضاح أن سياسة النظام السوري أدت إلى فقدان الشرعية التي يتمتع بها الرئيس بشار الأسد، وأنه ليس لديه صلاحية لقيادة البلاد بعد ذلك، وعليه أن يخلي مقعده ،وأن ينظر بواقعية لمطالب الشعب السوري. وقال: إنه في ظل التصريحات الأوروبية العديدة، والتحرك الأوروبي من أجل إعلان مزيد من العقوبات على سورية، يبقى الحل الشامل من خلال الأممالمتحدة والتي من شأنها إعطاء غطاء قانوني لحل الأزمة في سورية.