شهر رمضان مثله مثل كثير من الأوقات في هذه الدنيا، إن شعرنا بها مملوءة بالجمال والهناء أحسسنا أنها تنفلت من بين أيدينا سريعة عجلى، وإن شعرنا بها مملوءة بالمشقة أو الأذى أحسسنا أنها تمر بنا بطيئة ثقيلة لا تكاد تمضي، شهر رمضان لا يختلف في شيء عن هذا، هو لمن يجد فيه راحة للروح، وأنسا بالعبادة وطمأنينة بالقرب من الله، يمر به الشهر سريعا خاطفا، وهو لمن يجد فيه تقييدا واحتباسا وحرمانا، يظهر طويلا بطيئا كسلحفاة عجوز لا تكاد تنقلها الخطى. وربما كان ابن الرومي من هذا الصنف، فهو يعلن تبرمه من طول شهر رمضان فيصفه بأن: اليوم فيه كأنه، من طوله يوم الحساب والليل فيه كأنه، ليل التواصل والعتاب وابن الرومي لا ينكر ترقبه المستمر لانتهاء رمضان متتبعا ما يطرأ على هلاله من تغيرات مبشرة بقرب انتهاء الشهر: إني ليعجبني تمام هلاله وأسر بعد تمامه بتحوله ويمكن أن نضيف إليه أيضا ابن المعتز الذي لا يخفي فرحه بقرب انتهاء الشهر، وحجته في ذلك أن شهر الصيام عرضه للهزال حتى صار كعود الخلال في النحول: يا قمرا قد صار مثل الهلال من بعد ما صيرني كالخلال الحمد لله الذي لم أمت حتى رأيناك بداء السلال ورغم أن الناس غالبا يزيد نهمهم في رمضان وتتصاعد لديهم درجة الشراهة نحو الطعام فيأكلون في رمضان أضعاف ما يأكلون في غيره، وقد ينتهي ببعضهم الأمر إلى الشكوى من زيادة الوزن خلال شهر رمضان، إلا أن ابن المعتز في بيته السابق يشكو من فقد الوزن لا زيادته، ولعله لم يكن من ملتهمي الكنافة والقطائف واللقيمات وكل ما صغر حجمه وثقل دهنه وزاد حلاه. أحمد شوقي غفر الله له رغم أنه كان يقول إن رمضان: «حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع»، إلا أنه ما إن يودع الشهر المبارك حتى يعود إلى سيرته الأولى: رمضان ولى، هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق هؤلاء المتذمرون من شهر الصيام غير القادرين على الصبر على شدته، ينسون أن العمر قصير وأن الصبر على مشقة الصيام هو الطريق إلى باب الريان الذي لا يدخله إلا الصائمون: عام مضى من عمرنا في غفلة فتنبهوا فالعمر ظل سحاب وتهيأوا لتصبر ومشقة فأجور من صبروا بغير حساب لا يدخل الريان إلا صائم أكرم بباب الصوم في الأبواب فاكس :4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة