دخلت الاستعدادات النفسية ومن قبلها الإيمانية إلى النفس لتدريبها على صيام رمضان وقيامه فاللهم اجعله موسما محملا بالخيرات مكسبا للحسنات مربحا للأبدان أوقاته ملئية بالبركات وساعاته مفعمة بالنفحات التي تهذب النفس وتوقظ الحس تجاه من يعيشون حولنا طوال أيام العام من فقراء ومحتاجين لانحس بمعاناتهم ولا جوع أبنائهم . قال تعالى “يا أيُّها الذينَ آمَنوا كُتِبَ عليكُمُ الصيامُ كما كُتِبَ على الذين مِن قبلكم لعلَّكُم تتَّقون “ ومع قدوم رمضان لابد وأن نسعى لتغيير العادات السيئة واستبدالها بعادات حميدة توقظ الإيمان في قلوبنا بدعاء مليء بالخشوع والرجاء وتسبيح يخفف ذنوبنا واستغفار نرتجي فيه خالقنا بالعفو عنا وتلاوة لآيات القرآن الكريم تطهر ألسنتنا لنشعر وقتها بحلاوة قيام الليل فتهفو النفس إليه . وإن كانت شياطين الجن تصفد في رمضان فعلينا أن نحذر من شياطين الإنس الذين يتفلتون من كل قيد ويحلون كل رباط بأعمال وكلمات يستحي إبليس فعلها ويتبجحون بالقول بأن هذا العمل إنما هو بمناسبة رمضان المبارك قال صلى الله عليه وسلم : «ليس الصيام عن الأكل والشرب وإنما الصيام من اللغو والرفث» صحيح ابن خزيمة. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب» رواه البخاري. قال الشاعر : رمضانُ أقبلَ يا أُولي الألبابِ *** فاستَقْبلوه بعدَ طولِ غيابِ عامٌ مضى من عمْرِنا في غفْلةٍ *** فَتَنَبَّهوا فالعمرُ ظلُّ سَحابِ وتَهيّؤوا لِتَصَبُّرٍ ومشقَّةٍ *** فأجورُ من صَبَروا بغير حسابِ اللهُ يَجزي الصائمينَ لأنهم *** مِنْ أَجلِهِ سَخِروا بكلِّ صعابِ وكتب الإمام الحسن البصري -رحمه الله- عن شهر الصيام قائلاً: “ إنّ الله تعالى قد جعل رمضان مضماراً لخلقه، يَسْتَبِقُونَ فيه بطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب للضاحك اللاّعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون، وخابَ فيه الباطلون، فالله الله عباد الله اجتهدوا أن تكونوا من السابقين ولا تكونوا من الخائبين، في شهر شرَّفَهُ ربّ العالمين..... أمّا الصاحب بن عبّاد فأرسل قطعة نثرية يهنئ فيها أحد الأمراء بمقدم شهر الطاعة والغفران جاء فيها: “ كتابي أطال الله بقاء الأمير، غُرّة شهر رمضان، جعل الله أيامه غرّاء، وأعوامه زهراء، وأوقاته إسعاداً، وساعاته أعياداً، وأتاه في هذا الشهر الكريم مورده ومأتاه أفضل ما قسم فيه لمن تقبل أعماله فبلغه آماله”. وكتب مصطفى صادق الرافعي “ شهرٌ هو أيامه قلبية في الزمن، متى أشرفت على الدنيا قال الزمن لأهله: هذه أيام من أنفسكم لا من أيامي، ومن طبيعتكم لا من طبيعتي، فيقبل العالم كله على حالة نفسية بالغة السمو، يتعهد فيها النفس برياضتها على معالي الأمور ومكارم الأخلاق، ويفهم الحياة على وجه آخر غير وجهها الكالح، ويراها كأنما أجيعت من طعامها اليومي كما جاع هو. كما عبّر الأديب عباس محمود العقاد عن شهر رمضان شهر الإرادة قائلاً: “رمضان شهر الإرادة.. أدبه أدب الإرادة، وليست الإرادة بالشيء اليسير في الدين وما الخلق إلاّ تبعات وتكاليف، وعماد التبعات والتكاليف جميعا إنها تُنَاطُ بمريد ومن ملك الإرادة فزمام الخلق جميعاً في يديه”. قال الشاعر : كَساكَ الصّومُ أعمارَ اللَّيالي وأعقبكَ الغنيمةَ في المَآبِ ولا زالتْ سُعُودُكَ في خُلُوْدٍ تَبَارِي بالمَدى يومَ الحِسَابِ للتواصل: [email protected]