اختفاء الجبال والمباني التي طالما جاورت المسجد الحرام قرونا، والإعلان عن مشروع توسعة وتطوير الساحات الشمالية للحرم على أرضها المنبسطة، هدفه تحقيق مبادئ الخدمة المتفانية لبيت الله الحرام، بتوجيهات كريمة ومتابعة حثيثة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، لتحسين وتطوير المسجد الحرام، الذي ظل على الدوام يشهد المشاريع التطويرية، وليس آخرها توسعة المسعى. وما إن وضع خادم الحرمين الشريفين حجر الأساس حتى بدأت نظرات الترقب إلى بروز هذا المشروع الحلم على أرض الواقع، وبجهد يستمر في العمل والإنجاز على مدار الساعة، وسط تطلع وفود الرحمن إلى الاستفادة من مشروع التوسعة الجديد في أقرب وقت ممكن، إذ يواصل أكثر من 11 ألف عامل وفني ساعات الليل مع النهار لتنفيذ التوسعة العملاقة للحرم المكي، التي تبلغ مساحتها أكثر من 750 ألف متر مربع. ونظرا لضخامة المشروع الذي يهدف إلى تطوير مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية، فقد تم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام، الأول يهدف إلى توسعة مبنى الحرم المكي بقصد استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين ليصل إلى مليوني مصل في وقت واحد، والثاني يهدف إلى توسعة وتطوير الساحات الخارجية للحرم المكي، التي تضم دورات مياه وممرات وأنفاق، إضافة إلى مرافق أخرى مساندة، ومن شأن ذلك تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام، في حين يهدف القسم الثالث إلى تطوير منطقة الخدمات التي تعد إحدى أهم المرافق المساندة التي تشمل محطات التكييف، محطات الكهرباء، إضافة إلى محطات المياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم لمنطقة الحرم. وينطلق مشروع التوسعة الذي يعد الأكبر في تاريخ الحرمين الشريفين من حدود الجهة الشمالية للمسجد الحرام، وتضم أجزاء من الأحياء القديمة المحاذية للحرم من ذات الجهة، مثل بعض الأجزاء من أحياء المدعى والشامية والقرارة، إضافة إلى المنطقة الممتدة من حي المدعى في الشمال الشرقي من المسجد الحرام إلى حي الشامية وحارة الباب في الجزء الشمالي الغربي من الحرم. وتبدأ التوسعة من شارع المسجد الحرام شرقا وتتجه على شكل هلال حتى شارع خالد بن الوليد غربا في الشبيكة، إضافة إلى شارع المدعى وأبي سفيان والراقوبة، وعبد الله بن الزبير في الشامية، وجزء من جبل هندي إلى شارع جبل الكعبة. ووسط هذه الآليات الضخمة والكثافة العمالية في دورة العمل الدؤوبة داخل المشروع، وقربه من المسجد الحرام، يراود البعض هاجس السلامة في حال كثافة المعتمرين والزوار داخل المسجد الحرام، غير أن المديرية العامة للدفاع المدني بددت هذه المخاوف بتأكيد مديرها العام الفريق سعد التويجري، بأن مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين القائم حاليا يجري عليه ما يجري على بقية المشاريع التي نفذت وتنفذ، إذ أن الدفاع المدني يتابع المشاريع العملاقة التي تنفذ وفق المعايير العالمية من حيث توافر اشتراطات السلامة الوقائية لتحقيق أعلى درجات الأمن والسلامة لضيوف بيت الله الحرام، مشيرا إلى تنسيق واتصالات مباشرة مع الجهات المعنية بالتنفيذ للتأكد من كل متطلبات السلامة.