يعتبر عام 1344ه هو انطلاقة المشاريع التوسعية للحرم المكي في العصر الحديث حيث أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه بصيانة المسجد الحرام وإصلاحه، وفي مستهل عام 1373 ه أدخلت الكهرباء وتمت إضاءة المسجد الحرام ووضعت فيه المراوح الكهربائية. وبعد وفاته رحمه الله، واصل أبناؤه من بعده مسيرة تطوير وتجديد المسجد الحرام. ففي عهد الملك سعود رحمه الله استمرت عملية توسعة وتطوير المسجد الحرام على 3 مراحل من عام 1375ه وحتى عام 1381ه، حيث أصبحت بعدها مساحة الحرم 193000 متر مربع وبلغت طاقته الاستيعابية 400 ألف مصل. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله استمرت عمليات التوسعة التي بدأت عام 1409 ه وشملت تجهيز الساحات الخارجية، وإدخال نظام التكييف، وإدخال أنظمة إطفاء الحرائق وتصريف الأمطار، وغيرها من الخدمات الأخرى. وبلغت مساحة المسجد 356000 متر مربع، وطاقة استيعابية 600 ألف مصل. توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمسجد الحرام، أضخم توسعة في تاريخ الحرمين... تزايد زوار بيت الله الحرام يوماً بعد يوم، مما يجعل من مواصلة التطوير أمراً بالغ الأهمية، لذلك أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله البدء في مشروع توسعة جديدة استكمالاً لما بدأه الملك المؤسس طيب الله ثراه، فجاءت خطة التطوير التي تهدف إلى إحداث أكبر توسعة للحرم المكي الشريف، تتناول تطوير الحرم المكي الشريف في مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية. في مدة زمنية حددت بسنتين من تاريخ تسليم الموقع خال من العوائق. ضخامة المشروع وتنوع أبعاده جعل من الضروري تقسيمه إلى 3 أقسام، ويهدف القسم الأول إلى توسعة مبنى الحرم المكي بقصد استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين، ويتوقع أن تصل إلى مليوني مصل في وقت واحد، أما القسم الثاني فيهدف إلى توسعة وتطوير الساحات الخارجية للحرم المكي التي تضم دورات مياه، وممرات وأنفاق، إضافة إلى مرافق أخرى مساندة. ومن شأن هذا القسم تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام. في حين يهدف القسم الثالث إلى تطوير منطقة الخدمات التي تعتبر إحدى أهم المرافق المساندة التي تشمل محطات التكييف، ومحطات الكهرباء، إضافة إلى محطات المياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم لمنطقة الحرم. ويتوقع بعد اكتمال هذا المشروع المعماري العملاق أن تصل مساحة التوسعة إلى 15000.1 م 2. وينطلق مشروع التوسعة الذي يعد الأكبر في تاريخ الحرمين الشريفين، من حدود الجهة الشمالية للمسجد الحرام، وتضم أجزاءً من الأحياء القديمة المحاذية للحرم المكي الشريف من ذات الجهة، مثل بعض الأجزاء من أحياء المدعى والشامية والقرارة، إضافة إلى المنطقة الممتدة من حي المدعى في الشمال الشرقي من المسجد الحرام إلى حي الشامية وحارة الباب في الجزء الشمالي الغربي من الحرم الشريف. وتبدأ التوسعة من شارع المسجد الحرام شرقاً وتتجه على شكل هلال حتى شارع خالد بن الوليد غرباً في الشبيكة، إضافة إلى شارع المدعى وأبي سفيان والراقوبة، وعبدالله بن الزبير في الشامية، إضافة إلى جزء من جبل هندي وإلى شارع جبل الكعبة، وسيصبح إجمالي عدد المصلين بعد التوسعة الجديدة حوالي 1.600.000 مصلي. جهود لا تعرف الكلل، ومشروعات لا تعترف بالحدود، ورجال نذروا أنفسهم لخدمة بيت الله العتيق، وحجاجه الكرام. وتتواصل المشروعات وتتعاقب الأجيال لخدمة أول بيت وضع للناس، وليبقى مهوى الأفئدة وتحفة فنية يجللها الإيمان والمهابة والطريق منه أو إليه، رحلة إيمانية تحوطها السكينة ويقودها الشوق إلى بيت الله الحرام، وسيوفر مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للحرم المكي الشريف، الفرص لأعداد غير مسبوقة من المسلمين لزيارة المسجد الحرام في وقت واحد، إذ سيزيد طاقة الحرم الاستيعابية إلى اكثر من مليوني مصلٍ في وقت واحد.