في يوم كهذا، وفي حدث به نفخر ونتباهى، تتزاحم في ذواتنا المفردات وتتنافس على التعبير الكلمات لكن يظل الصمت سيد الموقف. فلا الكلمات بما في الخلجات قد تفصح وتفي، ولا المفردات عما نكنه من حب تترجم ما قد خفي، لأننا باختصار في حضرة ملك حكيم وأمام قائد عظيم، جعل من عمارة الحرمين الشريفين غاية، فأحال مكة والمشاعر المقدسة بالمشاريع آية، نعم هذه الجمعة المباركة فاصلة في تاريخ المسجد الحرام وما كأني بها إلا حديث الأجيال يتناقله من زمن إلى آخر صفوة الرجال. فهذا اليوم، يوم مبارك مشهود فيه يضع خادم الحرمين الشريفين الحرم المكي الشريف على أعتاب مرحلة جديدة من خلال إطلاق توسعة جديدة، إنها الساحات الشمالية التي تمثل الأكبر في تاريخ الحرم المكي الشريف لتكون منجزا تاريخيا وحضاريا وتطويرا عمرانيا ذا سمة فريدة. فخلال نصف العقد الماضي، قفزت أم القرى قفزات حضارية في عدة مشاريع تنموية تتسم بالاستمرارية والنوعية وليس المجال هنا للتعداد ولكن للإشارة فقط، فمنشأة الجمرات ليست عنا ببعيد، وساعة مكة أنارت لنا تاريخ الأمة المجيد، من خلال ارتباط العالم بأسره بها توقيتا وضبطا. لأن مكة قلب الأرض وإليها سيعود حتما النبض، هكذا كانت إرادة ملك، ناهيك عن قطار المشاعر الذي سهل على ضيوف الرحمن التنقل بين المشاعر، أما زمزم فهي الماء والبركة التي كانت في مثل هذا التوقيت من العام المنصرم محل رعاية وعناية ملك الإنسانية. كل هذه المشاريع وغيرها الكثير كانت منطلقة من إرادة ملك ومرتكزة على رؤية إنسان أحب المكان فأحبه المكان وأجل قدره الإنسان في كل مكان. إنه العطاء الثمين، تجاه البلد الأمين من قائد على الأمة رؤوف عطوف أمين، فهذه مكةالمكرمة أطهر بقاع الأرض وأقدسها تقف اليوم على حدث تاريخي فريد يكون فيه الإنجاز خير متحدث وشهيد، إنجاز ملك عادل وتنفيذ وعد بالرعاية والعناية لهذا البيت العتيق. إن هذه الفرحة الكبرى والهدية العظمى يتساوى فيها الأقصى من عباد الله والأدنى لأنها عمارة لقبلة المسلمين ومنارة العالمين ومهوى أفئدة الناس أجمعين. فحق لنا أن نفخر بهذا المنجز ونرفع الأكف عالية في السماء بالدعاء أن يجعل ما قدمه خادم الحرمين الشريفين من عمارة للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة في موازين حسناته ويجزل له الثواب والنوال. ستظل مكةالمكرمة شاهدة على هذا العطاء الذي صاغته بعناية يمين ملك معطاء، لتكون واجهة مستقبلية للتطور والنماء وسنظل كشعب واحد نعانق كل صبح ومساء، عنان السماء طالما فينا وبيننا قائد استثنائي اسمه عبد الله بن عبد العزيز. * مدير مكتب مكة المكرمة