يوم العلم رمز السيادة والانتماء    رابطة مشجعي مانشستر يونايتد "قلقة" من عواقب الملعب الجديد    جمعية أضواء الخير توزّع أكثر من 5,000 وجبة إفطار صائم    بطولة "مدرك" الرمضانية.. رياضة تنافسية ورسالة توعوية بجازان    بتوجيه من سمو ولي العهد.. المملكة تستضيف محادثات بين أمريكا وأوكرانيا في جدة    أمير تبوك يستقبل رئيس مجلس بلدية معان بالمملكة الأردنية الهاشمية    أمير تبوك يدشن حملة "جسر الأمل"    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفروعها تحتفي بيوم العلم    نائب أمير تبوك يوم العلم مناسبة غالية تمثل مصدر فخر ورمز للتلاحم والوحدة الوطنية    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعتمد زمالة جراحة الأذن وأعصابها وقاع الجمجمة الجانبي    تعليم جازان يحتفي بيوم العلم بفعاليات تعزز قيم المواطنة والانتماء    باحثات سعوديات يدرن مركز الترميم والمعالجة بمكتبة المؤسس    غرفة المدينة تنظم منتدى"المستقبل المستدام للحرمين الشريفين"    بيولي: النتائج تختلف عن الأداء في النصر    "الحواسي" يستعرض مع قيادات تجمع القصيم الصحي فرص التحسين والتطوير    أخصائي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    تعاون بين دي إم جي إيفنتس و Messe München لإقامة معرض IFAT في المملكة العربية السعودية عام 2026    البرلمان العربي يرحب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية    أوكرانيا تثني على بداية "بناءة" للمباحثات مع الولايات المتحدة في السعودية    وزارة الداخلية توضح محظورات استخدام العلم السعودي    أمير المنطقة الشرقية: مجتمعنا يتميز بالتكاتف والتعاضد    هطول أمطار في 7 مناطق.. والشرقية تسجل أعلى كمية ب 6.2 ملم في حفر الباطن    نمو اقتصاد اليابان بمعدل 6ر0% خلال الربع الأخير    مساعد رئيس مجلس الشورى تستعرض أمام لجنة المرأة بالأمم المتحدة مسيرة تمكين المرأة في مجلس الشورى ومشاركتها بصنع القرار    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرارَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن غزة    الاحتلال قطع الكهرباء ودمر محطات المياه ومنع إدخال المساعدات.. تحذيرات أممية من جوع وإبادة جماعية في غزة    25 شهيدا وجريحا في القطاع خلال 24 ساعة    18 % ارتفاع الحاويات الصادرة    العلم السعودي.. احتفاء برمز الوحدة والفخر    بلادي عزيزةٌ.. وأهلها كرامٌ    مواصفات العلم السعودي عبر التاريخ    البسامي يراجع خطط القطاعات الأمنية المشاركة بالحرمين    في إياب ثمن نهائي نخبة آسيا.. الأهلي لتأكيد التأهل أمام الريان.. والهلال لتخطي باختاكور    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. ليفربول الأوفر حظاً للتأهل.. وليفركوزن يحتاج معجزة    تحت رعاية سمو ولي العهد.. مؤتمر مبادرة القدرات البشرية يناقش تسخير الإمكانات للتنمية    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    جيسوس: لا مجال للخسارة    الفوزان إخوان.. وهَبات من الخير    بلدية النعيرية تطلق فعاليات رمضان يجمعنا في نسختها الثالثة بمقر بسوق الأسر المنتجة    يوم العلم والكشافة السعودية    هل تنسحب أمريكا من حلف الناتو    جمعية الدعوة بأجياد توزع أكثر من 4000 مصحف مترجم على ضيوف الرحمن خلال العشر الأولى من رمضان    دبلوماسية الحرمين في أرض النيلين    هل تخدعنا التفاصيل؟    لتكن خيرًا لأهلك كما أوصى نبي الرحمة    لقد عفوت عنهم    "البصيلي": يلقي درسًا علميًا في رحاب المسجد الحرام    الخليج وصيف الدوري السعودي الممتاز لكرة الطاولة    التاريخ الشفهي منذ التأسيس.. ذاكرة الوطن المسموعة    أمير حائل يكرّم طلاب وطالبات تعليم حائل الفائزين بجائزة "منافس"    250 مظلة متحركة بساحات المسجد النبوي    %90 مؤشر الرضا عن أمانات المناطق    أمسية شعرية في ثلوثية الراحل محمد الحميد    مبادرة مواطن تحيي بيش البلد    أبو سراح يطلق مجلس التسامح بظهران الجنوب    محافظ الطائف يُشارك أبناء شهداء الواجب حفل الإفطار    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    8 طرق لاستغلال شهر الصوم في تغيير النمط الغذائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام التطورات السياسية العربية الهائلة
نشر في عكاظ يوم 16 - 08 - 2011

كما هو معروف، تشهد المنطقة العربية، منذ بداية العام الهجري الحالي 1432ه (الموافق لسنة 2011 م) أحداثا سياسية تاريخية كبرى ... كان ومازال (وسيظل) لها تأثيرات عظمى على مجرى السياسة في هذه المنطقة الهامة من العالم. بل يرجح أن تكون لها تأثيرات وبصمات على المستوى العالمي، وربما على التاريخ الإنساني برمته. شبه تأثير هذه الوقائع بتأثير انهيار جدار برلين (عام 1989م)، وزوال المعسكر السوفيتي وحلف وارسو عام 1991م. كما شبه البعض هذه الثورات بالثورة الفرنسية (1789 م) التي كان (وما زال) لها تأثير عالمي واسع.
وما زلنا، وبقية العالم، نتابع وعلى مدار الساعة هذه التطورات، بكثير من الاهتمام والدهشة، والألم والفرح أحيانا. وما زالت أحداث ما سمي عالميا ب «الربيع العربي» تترى ... ومعظمها أحداث تسفك فيها الكثير من الدماء العربية، وتدمر المنشآت، وتسود الفوضى، ويغمر ظلام دامس حالك، ويتطلع المخلصون من أبناء العرب بلهفة إلى طلوع الفجر، وانقشاع الغمة. وما زال التساؤل إياه مطروحا: من المسؤول أصلا عن هذه الأحداث/ الخسائر؟ ولا شك أن محاولة الإجابة على هذا التساؤل تقود للتطرق إلى المعنى الصحيح ل «الاستقرار» الحقيقي.
وقد تجسدت هذه الأحداث أولا في ثورتي تونس (18 ديسمبر 2010 م ) ومصر (25 يناير 2011 م) الشعبيتين «السلميتين»، وفي تداعياتهما المباشرة على أنظمة سياسية جمهورية مشابهة للنظامين السياسيين البائدين في كل من تونس ومصر. إنها كما قال علماء سياسة أمريكيون ثورة شعبية نادرة، على الاستبداد (الديكتاتورية) وما ينجم عنه من مظالم.
بدأت أحداث تونس بشرارة صغيرة غير متوقعة، تمثلت في قيام المواطن التونسي البسيط محمد البو عزيزي بإحراق نفسه (يوم 17 ديسمبر 2010 م) أمام مقر بلدية بلدته «سيدي بو زيد»، احتجاجا على إقدام شرطية محلية بصفعه، ردا على شكواه من مصادرة العربة التي كان يبيع عليها خضارا، ويعول من دخلها التافه نفسه وأسرته، بعد أن عجز عن الحصول على عمل يقتات من دخله – رغم أنه يحمل مؤهلا علميا، كان يجب أن يساعده في إيجاد عمل مناسب، يقيه شر الحاجة، وذل العوز.
****
أثار انتحار البو عزيزي الدرامي غالبية شعب تونس التي رأت في محمد البوعزيزي نفسها، وما تعاني منه، فهبت تحتج على مأساته ... وتحولت تلك الهبة، إلى انتفاضة، ثم إلى ثورة ... شملت معظم أرجاء تونس الخضراء... مطالبة بالتغيير وإسقاط النظام ...؟!
كانت «ثورة الياسمين التونسية» (كما سميت فيما بعد) عبارة عن احتجاج شعبي عارم، اتخذ الأسلوب السلمي ... معبرا عن حنق شعبي دفين، وغضب جماهيري جارف كما بدا من استبداد نظام جثم على صدور التونسيين 23 عاما، أذاقهم فيها كما يقول الثوار بعض صنوف الاستعباد.
ولم يتراجع الشعب التونسي، رغم قسوة القمع «الأمني» الفوري المفرط في تشدده، بعد أن خرج للإطاحة بذلك الديكتاتور، بل أصر على مطالبه، رافعا سقف هذه المطالب بالتدرج، من «الإنصاف» إلى «إسقاط كامل النظام»... وانتصر الشعب التونسي في معركته هذه بعد 23 يوما من هبته تلك، وثورته الفريدة، وأرغم «الرئيس» على مغادرة تونس، للنجاة بجلده. وأخذ نظامه – بعد ذلك – يتهاوى تحت الضغط الشعبي المتواصل.
****
ما حدث في تونس فاجأ معظم المراقبين، بل وأغلب علماء السياسة والمهتمين بشؤون المنطقة العربية. كانت غالبية هؤلاء تستبعد انتفاضة شعبية تذكر، وتتوقع أن يقوم نظام بن علي ب «سحق» هؤلاء المتظاهرين بشدة أكبر، وإيداع قادتهم كالعادة في المعتقلات. ولكن تنظيم المتظاهرين المحكم، واستفادة قادتهم من تقنية الاتصالات الحديثة، وعدم تدخل الجيش لصالح النظام، كل ذلك ساعد الثوار على إحكام التعبئة وحشد مئات الألوف من أبناء الشعب الذين لهم نفس التظلمات، والمطالب ... فأصبح هناك فيضان هادر من البشر ... يعبرون سلما وكما بدا عن قهر دفين، ويطالبون برفع ظلم ماثل عنهم، و «رحيل» النظام.
هذا، إضافة إلى أنهم لم يرفعوا شعارات إيديولوجية جوفاء. بل كانت مطالبهم مبسطة وواضحة ... وتتمثل في: رفض ذلك النوع من الحكومات (الاستبداد) والمطالبة ببديله المعتاد عالميا. ومن هنا، ونظرا لتشابه ما حصل في تونس مع ما حصل في بلاد أخرى بعدها، نرى: أن «أفضل» وسيلة علمية وفكرية لفهم ما جرى ويجرى، هي استخدام «مدخل» أنواع الحكومات كما نحاول في هذا المقال وربما الذي يليه.
وجاء دور بعض وسائل الإعلام المرئية (بعض محطات التلفاز حسنة وسيئة النية على وجه التحديد) لتنقل للعالم هذه الهبة، بكل تفاصيلها الممكنة ... في الوقت الذي كانت فيه أغلب وسائل الإعلام الرسمي التونسي والعربي تتحدث عن شغب بسيط، في بعض شوارع تونس وغيرها...؟! نقلت محطات التلفاز تلك تطورات الصراع (وأولا بأول) بين نظام بدا للمراقبين استبداديا قمعيا، وشعب متوثب ثائر ضده.
وراقب العالم ما يجري ساعة بعد ساعة ... ولم يستطع النظام التونسي المخلوع (كما كان يتوق) أن يفتك بالمتظاهرين ... تحت سمع وبصر العالم. فاضطر للمهادنة، وإطلاق الوعود الرنانة التي تعد بعمل ما يريده الشعب ... ولكن بعد فوات الأوان، وبعد أن نزع الشعب عن النظام غطاء ما أسماه النظام بالشرعية. فتهاوى النظام، وانهار بسرعة لم تكن متوقعة، وإن ظلت بعض فلوله متواجدة.
ويبدو أن هذا المشهد «الربيعي» التونسي كان عبارة عن مصدر إلهام للحراك الشعبي السياسي العربي اللاحق باهظ التكلفة ... إذ سرعان ما تبنته شعوب أخرى، تعاني من ذات المشكلة، واحتذت به، محاولة تحقيق ما عجزت الجيوش والأحزاب المعارضة، وذوو التوجهات الإيديولوجية الجامدة، عن تحقيقه. وكانت مصر أول المستفيدين من ذلك الحدث، وأول من طبقه. وعن مصر، وعن هذه الأحداث الجسام، وعن إيجابياتها إن وجدت وسلبياتها العديدة، قد نواصل حديثنا هذا في مقال قادم بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.