من المفارقات العجيبة في مجتمعنا أننا حينما نستهدف أمرا ونركز عليه فإننا نبالغ في الحيطة منه، بحيث نقطع دابره تماما ومن كل الجهات، أي (نستأصله من لغاليغه)، وعندما نهمل أمرا آخر قد يكون أخطر بكثير، فإننا نبالغ في الإهمال بحيث نترك فيه الحبل على الغارب!!، خذ على سبيل المثال لا الحصر، موضوع كتابة الرأي، مع أنه يمثل رأي شخص واحد هو كاتبه، ومع أن الناس تدرك أنه رأي كاتبه وتخضعه للتقييم وتقبل منه ما يقنع وترفض منه ذاتيا ما يشطح، وبالرغم من أنه محكوم بتوجه صحيفة وطنية ومقيد بإجازة مراقب مؤتمن من الصحيفة ثم إجازة أخرى من رئيس التحرير، إلا أننا أصدرنا بحقه نظاما محكما للمطبوعات ثم جددنا ذلك النظام ليكون شديدا جدا وصارما في إجراءاته وعقوباته. في المقابل فإن سيل المسلسلات الرمضانية الجارف، مع أنه يصور (تصويرا خاطئا في الغالب) سلوك مجتمع، ومع أنه يؤثر في النشء والأطفال ويثير تساؤلاتهم ويبث عبر قنوات فضائية لكل العالم فيعكس للآخر صورة خاطئة عن المجتمع السعودي ومع أنه محكوم فقط بتوجه من أعده وسلقه سلقا من صبية يهدفون للإثارة وليسوا «في الغالب» من النخبة الواعية الناجحة المسؤولة، فإن ما يبث من مسلسلات وأعمال فنية لا يخضع لأدنى رقابة وطنية ولا نظام إنتاج ونشر كفيل بحماية المجتمع من تأثيرات تلك الأعمال وإساءتها لسمعته دون أساس صحيح وحق (لو كانت تناقش واقعا لمعالجته فلا بأس) وكفيلة بحماية النشء من ترسيخ مفاهيم وأفكار خاطئة وإساءة لثوابت دينية وإثارة فتن إما قبلية أو مذهبية أو طائفية نحن منها براء وفي غنى عن إثارتها ونرى آثارها في غيرنا ونحمد الله. أنا لا أدعو إلى تكميم الأفواه عن المعالجة الهادفة عبر مسلسلات تجمع بين الإضحاك والطرح الهادف، ولكن أطالب بعدم تسليم سمعة وتوجيه المجتمع إلى من لا يقدر النتائج ثم لا نراقب الطرح ونجيزه!!، فأشهر الدول وأعرقها في مجال الحريات تضع خطوطا حمراء تتعلق بأمن الوطن ووحدته وتمنع عرض أفلام صرف على إنتاجها جهد وفكر وليست مجرد تجميع لقطات أعدت وسلقت قبل رمضان بأيام. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة