أكثر ما يجب أن نقف عنده هو أن هذه المسلسلات الرمضانية والتي تحكي تراثنا القديم أو الحديث (رضينا أم لم نرض) أصبحت مصدرا للكثير من أبناء الجيل القائم والقادم وأصبحوا يتعرفون على بعض الجوانب والمظاهر التراثية من خلالها. من أطرف هذه الجوانب والتي أرويها على سبيل المثال من عدم تعامل هذه المسلسلات مع بعض المظاهر التراثية والاجتماعية والتي كانت ولا زالت مشهدا اجتماعيا مهما هو لبس المشلح أو البشت، فهذا اللباس المهم له دلالاته وأوقاته، لكن في إحدى هذه المسلسلات تجد أحدهم من فئة الأعيان أو رجال الأعمال يلبس هذا المشلح على مدار الأربع وعشرين ساعة !! في منزله وهو يتحدث مع زوجته !! بل وتجد أحدهم وهو في مشوار خاص ويقود السيارة بنفسه ومع ذلك لا يترك هذا المشلح !! وهو في مجلسه الشخصي في بيته أو في استراحته يلبس المشلح !! طبعا هذا مثال، وقصدت من خلاله أن القائمين على هذه المسلسلات أو بعضها غير مطالبين بأن يضعوا الزي التقليدي في مسلسلاتهم لكن في حال وضعه واستثماره فيجب أن يكون وفق العادات والتقاليد الاجتماعية للبلد والمجتمع المقصود. وهذه المسلسلات لا تجيد عرض موروثنا وعادتنا وتقاليدنا بشكل مناسب وهذا أمر نفهمه ويفهمه غالبية مجتمعنا إلا أن هذه البرامج والمسلسلات تعرضها الفضائيات على الجميع، وفي كل مكان والسكوت عن بعض ما يجري فيها بمثابة إقرار على ما فيها وبخاصة أن منتجي هذه المسلسلات وعارضوها بل وكبار نجومها ممن لا تغيب عنهم هذه الجوانب.يرى الكثير من المثقفين - وهو رأي له احترامه لكن ليس له حضوره !!- أن دراسات المجتمعات ومعرفة عادتها وتقاليدها تؤخذ من بطون الكتب وأفواه الرواة الثقات ولا تؤخذ من مسلسل يقصد منه الترفيه أو التشويق والإثارة، لكن مع الأسف الشديد أن هذه المسلسلات والأفلام أخذت نصيب الأسد من تشكيل ثقافة المشاهد وانطباعاته بل ومشاعره، ولن أطيل في تأكيد هذه الموضوع لكن ليعذرني القارئ أن أذكر له نموذجا من تأثير المسلسلات أو الأفلام في واقع الناس من خلال الفيلم الشهير في رصد مسيرة المجاهد الليبي الشهير عمر المختار المتوفى سنة (1931 م) أي قبل قرابة القرن إلا قليلا فهذا الفيلم أبرز قصة عمر المختار بشكل كبير وهذا أمر حتى انك حين ترى صورة نجم هذا العمل الايطالي أنطوني كوين (ت 2001 م) فيتبادر إلى ذهنك وذهن الكثيرين عمر المختار وقضيته ! والطريف أن انطوني كوين وبعض كلماته أضحت من ضمن شعارات الثوار الليبيين في وجه معمر القذافي كل هذه الجوانب تلقي بمسؤولية كبيرة على من يكتب أو يعد هذه المسلسلات والأفلام بأن لا يشطح بخياله على حساب المعلومة التاريخية، ويضع في النص ما ليس وجود في تاريخنا من أجل إثارة المتلقي أو إبهاره من الرموز القديمة على حساب الحقيقة وما ورد في بطون الكتب وما تناقله لنا أفواه الرواة الثقات.