شهد الاقتصاد العالمي تحولات كبيرة ومهمة، أثرت وبشكل جلي على الاتجاهات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من نواحي الحياة المختلفة، ويمكن القول إن هذه التحولات أخذت بالتسارع خلال العقود الخمسة الماضية وحملت في طياتها الكثير من التغيير، ولم يكن الاقتصاد السعودي في منأى عن هذه التغييرات. إن فلسفة الخصخصة والدفع باتجاه تفعيل دور القطاع الخاص في الاقتصاد، هي أحد أهم المفاهيم الإدارية والاقتصادية التي شملتها تلك التحولات وهي تعتمد بالأساس على قيام القطاع الخاص بإدارة بعض الأنشطة الاقتصادية التي تديرها الدولة ولذلك أسباب كثيرة، منها كفاءة القطاع الخاص في انتهاج مبادئ المنافسة، حيث ينطلق هذا القطاع من فلسفة إدارية ترتكز على إدارة الموارد المتاحة بكفاءة، والتسلح بالخبرة، وتطوير القدرات الإدارية والفنية للكادر الوظيفي بهدف القدرة على المنافسة، وذلك من خلال تحسين نوعية الخدمات المقدمة إضافة إلى تعظيم الأرباح. هذه الفلسفة تتخذ منحى آخر في مؤسسات القطاع العام التي تعتمد بشكل أساسي على موازنة الدولة بدلا من الاعتماد على مواردها الذاتية مما جعلها عبئا على الميزانية، حيث يمكن استثمار تلك المخصصات في مشروعات حكومية أخرى لو أن تلك المؤسسات طورت خدماتها واعتمدت على مواردها الذاتية. نقدر الجهود الكبيرة التي يبذلها مجلس الاقتصاد الأعلى في وضع الخطط والاستراتيجيات والسياسات التنفيذية التي من شأنها دعم نمو الاقتصاد السعودي على المدى الطويل، ونخص بالذكر الجهود المتعلقة بخصخصة عدد من مؤسسات القطاع العام أو بعض أقسامها التي تقوم بتقديم خدمات مختلفة ومهمة، وذلك بهدف زيادة كفاءتها وتحقيق التطور المنشود والاستفادة من خبرة القطاع الخاص وضمان تنافسيتها من خلال تقديم خدمات ذات جودة عالية، إضافة إلى التوسع في توظيف الكوادر السعودية، ونشير هنا إلى توجهات مجلس الاقتصاد الأعلى لخصخصة قطاع (النقل الجوي وخدماته) وإن لم يشر صراحة إلى (خدمات الملاحة الجوية).