يرى كثير من المطلعين أن خصخصة قطاع (خدمات الملاحة الجوية) الذي يعنى بتوفير أعلى درجات الأمن والسلامة للحركة الجوية في المجال الجوي السعودي وتأمين عمليات الهبوط والإقلاع في مطارات المملكة المختلفة، هي بجميع المقاييس خيار استراتيجي مهم لأسباب متعددة أهمها الميزة النسبية التي يتمتع بها هذا المجال مقارنة مع المجالات الجوية للدول المجاورة، حيث (الموقع المميز للمملكة) الذي يربط الشرق مع الغرب إضافة إلى (اتساع) مجالنا الجوي بين نقاط الدخول والخروج، ويتضمن ذلك زيادة الإيرادات من رسوم العبور نتيجة لطول الوقت المستغرق للمرور بين تلك النقاط، ومن الأسباب التي تجعل من خصخصة قطاع (الملاحة الجوية) خيارا استراتيجيا هو النمو المتوقع لقطاع النقل الجوي في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام المقبلة، وذلك اعتمادا على تصريحات نائب رئيس عمليات التسويق للطائرات التجارية في شركة بوينغ العالمية، الذي قال إن قطاع النقل الجوي في منطقة الشرق الأوسط سينمو بمايقارب ال 7.1 % سنويا على مدى العشرين سنة المقبلة إلى جانب توقع نمو أساطيل شركات الطيران في المنطقة بمعدل 150 % لنفس الفترة!!. ولمواجهة هذا النمو المتوقع لا بد لقطاع (خدمات الملاحة الجوية) في المملكة من اتخاذ الإجراءات الكفيلة لضمان تطوير الخدمات المقدمة، اعتمادا على موارد القطاع الذاتية وليس على الدولة، وإضافة إلى الموارد الذاتية لا بد أيضا الأخذ بعين الاعتبار موضوع التكنولوجيا والخبرة التي يمتلكها المنافسون، ومدى حاجتنا إلى (هندرة) مجالنا الجوي لتلافي حدوث أي اختناقات جوية، وكذلك تأمين مسارات جوية تلبي حاجات العملاء المرتبطة بخفض التكلفة التشغيلية وزيادة الأرباح، من هنا تأتي الحاجة لخصخصة (قطاع الملاحة الجوية) تحديدا، لضمان القدرة على المنافسة. إن خصخصة هذا القطاع ستساهم بشكل فعال في التخلص من الترهل والبيروقراطية التي تعاني منها مؤسسات القطاع العام، وهي أحد أهم المحفزات للكوادر العاملة في الملاحة الجوية لتحسين الأداء وزيادة الكفاءة، وتوفير التدريب اللازم لهم للعمل بعقلية القطاع الخاص وتأهيلهم على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية في مجالات خدمات الملاحة الجوية. إن نجاح عمليات الخصخصة في (قطاع الملاحة الجوية) ينبغي لها تهيئة وخلق المناخ الملائم للتحول من ثقافة العمل في القطاع العام إلى ثقافة العمل في القطاع الخاص، ونستبشر خيرا بذلك؛ كون الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للطيران المدني يمتلك من الخبرة والدراية ما يضمن نجاح عمليات التحول وتحقيق الأهداف المنشودة من خصخصة القطاع، فالرجل له خبرة واسعة من خلال المناصب الرفيعة التي تقلدها والتي كان من ضمنها إدارته السابقة لتطوير الأعمال في إحدى كبرى شركات القطاع الخاص، ولا ننسى الجهود المبذولة من نائبه لقطاع الملاحة التي تساهم بشكل مباشر في خلق المناخ المطلوب لعمليات هذا التحول، ونختم بالقول إن هناك تجارب عديدة لخصخصة (خدمات الملاحة الجوية) على المستوى العالمي التي نستطيع من خلالها الاستفادة من هذه التجارب لتعظيم الإيجابيات وتحجيم السلبيات إن وجدت.. والله ولي التوفيق. * ماجستير في إدارة الأعمال