طالب مختصون بإيجاد جهة وطنية مركزية موحدة تشرف على المشاريع وتتابعها، في ظل حجم مشاريع البنية التحتية الذي يتجاوز 200 مليار ريال. وقالوا إن أكثر من 55 في المائة من المشاريع الحكومية لا تخضع لأي نوع من المراقبة والمتابعة، وتفاءلوا بإطلاق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي اعتبروها خطوة أولى نحو تصحيح وضع المشاريع المتعثرة. مشدين على أهمية أن تتبع إنشاء الهيئة خطوات أخرى من كافة الجهات المعنية للوصول إلى نتائج مرضية. تفاعل عدد من المهندسين والمختصين مع مطالبة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد جميع الوزارات والأجهزة الحكومية ذات الميزانيات التي لديها مشاريع إنشائية بضرورة وضع لوحة بمقاييس محددة، يمكن قراءتها عن بعد على كل مشروع، تتضمن اسم المشروع واسم المقاول المتعاقد معه وتاريخ توقيع العقد وقيمته وتاريخ تسليم الموقع للمقاول الذي يوافق تاريخ بداية العقد وتاريخ انتهائه ومدة التمديد إن وجد، وتاريخ انتهاء التمديد واسم الاستشاري المشرف وتاريخ توقيع عقد الاستشاري وقيمته. ويقترح المهندس تركي التركي المختص في تطوير الأعمال والمشاريع عبر «عكاظ» جملة من المقترحات البناءة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، منها: أن يضاف على كل لوحة مشروع رقم خاص (كود) يميز كل مشروع عن غيره، يعمم رقم هاتف موحد لتلقي الملاحظات والبلاغات التي ترد من أي شخص سواء كانت له علاقة بالمشروع أو ليست له علاقة نهائيا، ثم تتخذ الهيئة بعد ذلك الإجراءات اللازمة للتأكد من صحة البلاغ أو الملاحظة ومن ثم تنبيه الجهة المالكة للمشروع لتصحيحه، وأيضا معاقبة المقاول إذا ثبت الأهمال أو التلاعب، لتعزيز هذه الفكرة وتعميمها يجب مكافأة الشخص المبلغ بمكافأة مجزية وتكريمه لتحفيز الآخرين على هذا السلوك الإيجابي، في المقابل لا بد من معاقبة أصحاب البلاغات الكاذبة والكيدية لكي لا يتكرر هذا الفعل منهم ومن غيرهم. ويرى المهندس التركي أهمية عمل صفحة خاصة بالمشاريع على موقع الهيئة يستطيع أي شخص سواء كان مراقبا أو مواطنا عاديا أو مقيما أن يطلع على مواصفات ومعلومات المشروع من خلال إدخال الكود الخاص بالمشروع فقط، مستعرضا الفوائد والمكاسب المتوقعة من هذه العملية في حال خدمت بشكل فعال، ويتم توعية المواطنين بها من خلال حملة إعلامية مكثفة، حيث سيتم تفعيل الرقابة على المشاريع، وبالتالي رفع مستويات الجودة وكذلك التشهير بالمقاولين المخالفين وتحذير المقاولين الآخرين، وأهم من هذا وذاك إشراك المواطن في بناء الوطن وتعزيز روح الانتماء لديه والحرص على مقدرات الوطن وممتلكاته. وقال إن دخول الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على خط متابعة المشاريع وتقصي أوجه القصور والفساد فيها أثلج صدورنا، ما سيكون له انعكاسات إيجابية متوقعة، مشيرا إلى تعقيب محمد الشريف (رئيس الهيئة) بأن «الهدف من وضع لوحات بالحجم الذي طلبته الهيئة يجعل المعلومات عن المشروعات واضحة لدى المواطنين، ويمكنهم متابعتها وإبلاغ الهيئة عن أية ملاحظات حولها»، لافتا إلى أن معظم المشاريع التنموية والخدمية تعتمد على معيار أخلاقي ألا وهو ذمة المقاول وأمانته وهو معيار غير عملي وليس احترافيا بتاتا، وهذا يقودنا بعبارة أخرى إلى أن المشاريع تخضع لما يتفضل به علينا المقاول من وضع مواصفات وجودة وليس ما نفرضه عليه ونلزمه به ثم نحاسبه عليه، والمشكلة أن نظام المشتريات الحكومي الحالي لا يوجد فيه حلول لهذه الجزئية، فيما يضم بنودا أخرى مفيدة ولكنها غير مفعلة. ويؤكد التركي على أنه لا يمكن أن يتم تصحيح واقع تعثر المشاريع في المملكة دون التأكيد على أهمية مراقبة المشاريع أثناء الإنجاز والتأكد من مطابقتها للمواصفات وسير العمل وفقا للجدول الزمني، فإنه حتى مع وجود تخطيط سليم ومخططات وجداول للمهم والأعمال والتقديرات المالية والزمنية، فإن ذلك لا يكفي إذا لم تكن هناك آليات عملية لمراقبة المشاريع والتحكم فيها وتصحيحها في حال الحاجة، وهذا أشبه بمن يحضر سيارته للسفر ثم يغفو أثناء القيادة، مؤكدا أن المشكلة الأكبر تكمن في أنه لا توجد جهة مسؤولة عن المراقبة والمتابعة الفنية (المواصفات والجودة)، فوزارة المالية تعتمد المشروع والصرف عليه، وديوان المراقبة العامة يراجع المالية فقط. وتقول الدكتورة نوف عبدالعزيز الغامدي مستشارة التخطيط الاستراتيجي إن إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سيسهم في الحد من معاقبة الشركات المنفذة للمشاريع، ومتابعتها بشكل يضمن سير الأعمال بالمستوى الصحيح، وإن الفساد هو من أهم أسباب تدهورنا الاقتصادي وخلافه، مقترحة وجود جهة وطنية عليا تشرف على المشاريع ومتابعتها، في ظل حجم مشاريع البنية التحتية الذي يتجاوز ال200 مليار ريال. ودعت إلى عقد ندوة كبيرة أو ملتقى يضم الجهات الحكومية والشركات الوطنية ذات العلاقة لوضع أساليب وأفكار وطرق لحل مشاكل المشاريع وتعثرها، ومعرفة الأسباب الرئيسة لتعثر بعض المشاريع على مستوى المملكة، خاصة أن المملكة تشهد نموا كبيرا في مختلف المشاريع الاقتصادية والتنموية والمدن الاقتصادية الضخمة في ظل التطورات المتسارعة، ما يتطلب تنفيذها وفق الخطط السليمة التي تكفل تنفيذ المشاريع على أجود المواصفات وليس على الورق فقط، ما يعني هدر الجهود المبذولة والأموال الطائلة ما يكبد الاقتصاد الوطني أعباء كبيرة، وشددت على أهمية مراقبة المشاريع بشكل مستمر لضمان نجاحها. وطالبت الجهات المعنية بالرقابة المستمرة والمحاسبة ورفع مستوى الجودة وتنفيذ المواصفات اللازمة للمشاريع بدلا من فشلها بعد سنوات قليلة، ما يكبد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة، ناهيك عن الوقت المهدر والجهد والأموال الضائعة جراء تعثر المشاريع.