ساد الجو الرمضاني حديث المجالس في مركاز الزويتيني في المدينةالمنورة، ولم تقتصر الرمضانيات على شكل المكان ومظهره بل تعدت حتى بلغت هموم الجالسين ونقاشاتهم، فكل شيء في المركاز الرمضاني بلا قصد أو تعمد، أصبح سمة من سمات الحرة الشرقية في المدينةالمنورة ب«كرويتاته» المشغولة بسعف النخل، والنقوش الحجازية الملونة، وصحون البليلة الدائرة بين الجالسين، أرهقهم ارتفاع الأسعار، وأنهكتهم فواتير المراكز التموينية، وكغيرهم كانت المواشي همهم الأول؛ فالإقبال على اللحوم يتزايد مع رمضان، والموائد لا غنى لها عن قطعة لحم مهما كلف الأمر. وبعفوية تشبه المكان خرج مركاز الزويتيني بتوصية تدعو لبيع الماشية بالميزان وهي حية كما هو المعمول به في دول عربية، مثل سورية ومصر والأردن والكويت والإمارات، وفق تسعيرة تحددها وزارة التجارة على الكيلو جرام الواحد، وتفرضها على باعة المواشي في السوق. عبد الله أبو عوف بدأ الحديث عن أسعار المواشي وحكى قصة ذهابه لسوق الأغنام في المدينة قبل دخول رمضان بيومين، بعد أن وفر كل ما يلزم منزله في هذا الشهر، من مواد غذائية، خضراوات، حب، دقيق، وغيرها، فيقول: ذهبت لحراج الغنم و«طلعت من المولد بلا حمص»، حيث اصطدمت بأسعار لم أكن أتوقعها، فوجدت الحري يلامس الألفي ريال، والنعيمي 1800 ريال، حتى المستورد كالسواكني صار فوق 1400 ريال. وأضاف عبد الستار شقرون: بالفعل، أسعار المواشي جنونية، ولم نجد لوزارة التجارة دور في متابعة الأسعار، ودورها يقتصر على تسعيرة اللحوم المبردة والمجمدة التي تباع في الهايبر ماركت، بينما غالبية المواطنين يشترون اللحوم من سوق المواشي، فلا فائدة تتحقق لهم من تسعيرة لحوم مجمدة. واقترح رضا الزويتيني أن تباع المواشي بالميزان وهي حية، كما في سورية ومصر والأردن والكويت والإمارات، وتكون وزارة التجارة المسؤولة عن تحديد أسعار الكيلو جرام الواحد، بدلا من ترك السوق وسيلة لتحقيق الجشع والطمع من بعض الباعة. وأيده في الرأي حسن مقلم عندما علق آماله على التجارة وإعادة النظر في آلياتها لمراقبة الأسعار عن طريق فرق سرية أو علنية، أو التدخل من قبل الوزارات المعنية كالتجارة والزراعة والشؤون البلدية والقروية، لتحديد الأسعار وفق مؤشرات الثروة الحيوانية المحلية والمستوردة. هشام زاكور تطرق إلى جانب آخر، وهو امتلاء السوق بمواش معتلة ومريضة لا تصلح للاستخدام الآدمي، فتورط فيها كثير من المواطنين باكتشاف علتها بعد ذبحها في المسالخ، والمفترض أن تحدد الأمانة ضوابط لبيع المواشي ومراقبتها، وإلزام بائعها بالغرامة واستعادة المبلغ للمشتري. واستحسن أحمد أبو عوف فكرة زاكور، ودعمها بضرورة إنشاء قاعدة بيانات بالباعة المتنقلين، ومنحهم ترخيصا لمزاولة المهنة من قبل الأمانة لضبط البيع العشوائي، الذي يستغله بعض المتنقلين في بيع مواش مريضة أو قد تكون مسروقة من حظائر، فضلا عن الحد من انتشار العمالة الأجنبية التي بدأت بغزو السوق. وألمح مقلم الهلالي إلى أن أسعار المواشي تنذر بخطر شراء الوجبات المحتوية على اللحوم في المطاعم، إذ لا يتصور أن يصل سعر الخروف إلى ألفي ريال، وكيلو الكباب ب40 ريالا، مستشهدا بواقعة ضبط مطبخ الشهر المنصرم في المدينة يبيع الأغنام النافقة.