تحول مسلسل طاش ما طاش إلى وجبة رمضانية محلية يتابعها المشاهد كنافذة يطل من خلال حلقاتها الموسمية إلى مرارته في قالب فكاهي.. وهو المسلسل الذي لاحقته الفتاوى والانتقادات منذ ظهوره الأول ساخطة وناقمة من حدة (الكاركتر) وفقاعة لون السخرية المنتهجة من قبل أبطال هذا المسلسل، وهي انتقادات تغيب ماهية فن الكوميديا القائم على تضخيم الحالة وخلق المفارقة المضحكة من خلال ذلك التضخيم. ويصبح الانتقاد الموجه لهذا المسلسل نفي الحالة وليس انتقادا للأداء الفني، ونذكر غضبة الأستاذ عبدالله جفري (رحمه الله) حينما حمل على المسلسل بسبب شخصية (فؤاد) كونها شخصية مقذعة ومستخفة بالرجل الحجازي ويعد هذا حكما نقديا من خارج العملية الفنية لم يخضع لشروطها بل لشروط وتراكمات الانتماء للمكان.. وهذا ما تورط فيه الداعية محمد العريفي حين صب غضبته المضرية على المسلسل الذي استفتح حلقاته لهذا الموسم بحلقتين ناريتين عن سلوكيات بعض المتطرفين دينيا، وغضبة الداعية العريفي لايمكن أخذها كنقد فني تحليلي بل هي غضبة (من خارج الأداء الفني) كون الحلقتين بالغتا في تضخيم (الكاركتر) وهذا هو فن الكوميديا وما لم تكن هناك المبالغة فلن تتحقق الماهية الفنية له، أي أن انتقاد العريفي هو انتقاد من خارج العملية الفنية لم يخضع لشروطها بل لشروط وتراكمات الانتماء للشريحة المنتمي إليها. إلا أن المعيب إعلاميا أن تسمح القناة التي يبث منها العريفي برنامجه (قناة دبي) بمهاجمة قناة أخرى ال(mbc) والمطالبة بمقاطعتها من قبل الجمهور، وأي إعلامي مبتدئ يعرف هذه القاعدة الإعلامية، فإذا كان العريفي لا يعرف هذا فمن الواجب أن تعتذر (قناة دبي) لأبطال مسلسل طاش، وكذلك للقناة الباثة لأن دعوة المقاطعة التي أطلقها الداعية العريفي اختراق للمواثيق الإعلامية المتبادلة بين (أبناء الكار الواحد). وإذا تحركنا قليلا نجد أن حلقة (تعايش) استطاعت تقريب فكرة أن المتشاحنين (فكريا) حينما اختلطا ببعضهما البعض اكتشف كل منهما خطأ الصورة الثابتة عن الآخر وانتهت الحلقة بتعاونهما وزرع الأرض وإثمارها إلى هنا، والعمل يقدم رسالة تقريرية تصالحية (معيبة فنيا) لكن انتقادات الجمهور وقفت عند اللقطة الأخيرة التي قذف السدحان بناصر إلى حوض الماء، وكان سؤال الجمهور لماذا ناصر وليس السدحان؟ ومن هذا السؤال توالدت تأويلات الجمهور وفق المرجعية الثقافية المحبة لخلق الشحناء كون بعض المتحاورين حول هذه اللقطة مغرمين بداء الشقاق، بينما المتابع للقطة سيلحظ الضحك الذي انطلق من ناصر والسدحان قبل إغلاق المشهد أي أنها من اللقطات التي تجمع كزوائد فكاهية وتعرض في آخر المسلسل. [email protected]