تتوجه أنظار العالم اليوم إلى أكاديمية الشرطة في ضاحية التجمع الخامس في القاهرةالجديدة، لمتابعة أولى جلسات محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك،ونجليه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ورجل الأعمال حسين سالم أمام محكمة جنايات القاهرة، والتي ستبث على الهواء مباشرة عبر التلفزيون المصري. وستجرى المحاكمة في إحدى قاعات الأكاديمية وهو المكان الذي استقرت عليه، وزارة العدل أخيرا باعتباره مكانا يمكن إحكام السيطرة الأمنية عليه، ومواجهة أية محاولات لاقتحامه. ويحاكم مبارك والعادلي بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين إبان «ثورة 25 يناير» وما واكبها من أحداث، أما علاء وجمال مبارك ورجل الأعمال حسين سالم فيحاكمون بتهم تتعلق بالفساد المالي، التسبب في الإضرار المتعمد بالمال العام وتسهيل الاستيلاء عليه إضافة إلى التورط في صفقة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بسعر يقل عن السعر العالمي. وتتم المحاكمة علنية بصورة غير مسبوقة في مصر،حيث سيبث التلفزيون المصري وقائعها مباشرة على الهواء. كما سيتم السماح لمراسلي مختلف وسائل الإعلام الحضور إلى جانب أهالي المتهمين وهيئة الدفاع عنهم وأسر وذوي قتلى ومصابي «الثورة الشعبية». مما يعيد للأذهان محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين التي كان يتابع الرأي العام العربي على نطاق واسع النقل التلفزيوني لجلساتها . وكانت وزارة العدل المصرية بذلت جهودا حثيثة للبحث عن مكان مناسب يمكن السيطرة الأمنية عليه، ويضمن الحفاظ على سلامة المتهمين وعدم الإخلال بإجراءات المحاكمة. وتم في البداية الاتفاق على إجراء المحاكمة داخل أرض المعارض في مدينة نصر، لكن تم العدول عن هذا الخيار بعد البدء في تجهيز المكان، حيث تبين أن ارتفاع سوره الخارجي مترين فقط، ما يسهل اقتحامه. كما أن حركة المرور في القاهرة كانت ستصاب بالشلل نظرا لأن أرض المعارض تطل على شارعي صلاح سالم والنصر اللذين يعدان من أهم شرايين المرور في العاصمة المصرية، وتقرر أن تتم المحاكمة بالتنسيق بين وزارة الداخلية، القوات المسلحة ووزارة الصحة التي كلفت بتوفير سيارات إسعاف. وتدور تساؤلات عدة حول ما إذا كان الرئيس السابق حسني مبارك سوف يمثل أمام المحكمة في جلستها الأولى، أو يتغيب عن الحضور بسبب ظروفه الصحية. غير أن مصادر قضائية مطلعة أكدت ل «عكاظ» أن تغيبه لظروف مرضية ينبغي أن يكون من خلال تقرير طبي بمعرفة مصلحة السجون، خاصة أنه يقضي فترة حبسه على ذمة القضية داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي. وقد كشفت تقارير طبية عن تدهور حالته الصحية إلى درجة تستلزم وجوده إلى جوار غرفة عناية فائقة داخل مستشفى طبي. وهو الأمر الذي يتعذر توفيره في مستشفى سجن طره. وفي حال سمحت حالته الصحية ينتظر أن يتم نقله بطائرة خاصة من شرم الشيخ إلى القاهرة فيما يتم نقل باقي المتهمين بسيارات مصفحة وسط حراسة مشددة من الجيش والشرطة، خشية تعرضهم لأية اعتداءات. من جانبه، أكد المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة، أنه سيعطي المتهمين كافة الضمانات القانونية التي تعطى لسائر المتهمين في أية قضايا أخرى، وفقا لما يقضي به حكم القانون، موضحا أنهم يحاكمون أمام «قاضيهم الطبيعي» ولا توجد أية استثناءات في التعامل معهم، وأشار إلى أن القضية ستنظر في جلسات متعاقبة، دونما التقيد بأيام محددة لتوزيع العمل أو دور الانعقاد المحدد للمحكمة، إلى حين الانتهاء من القضية والفصل فيها بصورة نهائية. وتم وضع مجموعة من الضوابط لحضور الجلسات، وذلك حفاظا على هيبة القضاة وارتكانا لحسن سير العدالة، وتمكين هيئة المحكمة ودفاع المتهمين من أداء رسالتهم للوصول للهدف المرجو بإرساء مبادىء الحق ودعائم العدالة، وتتمثل تلك الضوابط في تحديد الحد الأقصى للحضور ب 600 شخص. وكانت النيابة العامة باشرت التحقيق مع مبارك ونجليه في أبريل الماضي على ضوء سلسلة من البلاغات التي تم تقديمها ضدهم، سواء من المواطنين أو من الجهات الرقابية، وتم حبسهم في البداية لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات، وتجديدها عدة مرات إلى أن أحيلوا للمحاكمة محبوسين، وتم إخطار الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) لإلقاء القبض على رجل الأعمال الهارب حسين سالم والموقوف حاليا في إسبانيا. وكان تم القبض على العادلي ومساعديه في مارس الماضي، في أعقاب اتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين السلميين في ميدان التحرير.