من أكثر الأشياء التي تزعجني وتستفزني، أن أجد الخبر الرئيسي في كافة الصحف اليومية يتحدث بإسهاب عن تفضل ذلك المسؤول مشكورا بالقيام بزيارة تفقدية «معلن عنها مسبقا !» لإحدى الجهات الحكومية التابعة لنطاق مسؤولياته الإدارية. من المفترض أن تكون النصوص النظامية واللوائح التنفيذية والقرارات الرسمية هي الملجأ الأول والأخير التي يستند إليها أي مسؤول بكل حرص وأمانة فيبني عليها قراراته، لا أن تكون النخوة والفزغة والرياء «كما هو واضح في الصورة» هي الفيصل في تحريك المعاملات وإنجازها. فغاية الظلم أن تكون القرارات الرسمية معلقة أو مبنية على مدى القبول والرضا والقناعة الشخصية للمسؤول المعني «أيا كانت صفته ومرتبته»، ومن غير المعقول أن يكون هناك معاملة طويلة عريضة ظل صاحبها يلاحقها ويجري وراءها لأشهر وسنين، من دائرة إلى دائرة، ومن مكتب إلى مكتب، ومن موظف إلى موظف، ولكن دونما فائدة تذكر!، ليأتي المسؤول الأول من نظرة خاطفة وفي غضون لحظات فيستوعبها ويتفهمها ويعد بإنهائها في الحال !. أحيانا يتراءى لي «والعلم عند الله» أن بعض المسؤولين في الدوائر الحكومية عندما يشعر باهتزاز صورته الواقعية لدى الناس بشكل ملفت فإنه يعمد إلى معالجتها من خلال صورة فيتوغرافية يتم التقاطها له بعناية شديدة تظهره بصورة المسؤول المثالي المهتم بكل شاردة وواردة والحريص كل الحرص على مصالح المراجعين لدائرته!. هذه الصورة المصطنعة غالبا ما تطبع في مخيلة الناس ماحية الصورة الواقعية الموحشة التي لطالما أساءت لمكانة المسؤول وهددت كرسيه!. ومع أن المعالجات التي تطرأ على صورة المسؤول الأول تتسبب بالمقابل في تشويه صورة الموظف أو مدير الجهات المعنية بالمعاملة «التي وعد المسؤول بحلها».. كم من مواطن يحلم بلقاء المسؤول الأول في هذه الدائرة أو تلك ليثبت له سلامة ونظامية معاملته المعلقة، لكنه يعجز عن لقائه فكيف بالتقاط الصور التذكارية معه!، ولو أن ذلك المسؤول خصص يوما كل فترة للالتقاء بالمواطنين الذين عين لخدمتهم لما احتاج ذلك المسؤول بين الفينة والأخرى إلى معالجة صورته الواقعية المشوهة!!. ولما اضطر المواطن إلى الظهور في الصورة الفتوغرافية وكأنه «عابر سبيل» ينتظر الإحسان والصدقة !.