يصدر مؤتمر «العالم الإسلامي.. مشكلات وحلول» توصياته الليلة، بعد ثلاثة أيام من المداولات بين 500 من علماء الأمة ومثقفيها حضروا للمؤتمر الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونظمته رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة. من جانبه، دعا الأمين العام للرابطة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وسائل الإعلام إلى «الواقعية» والابتعاد عن «الإثارة» عند تغطية مندوبيها جلسات المؤتمرات العلمية. وقال الدكتور التركي في تصريحه ل «عكاظ» بعد جلسة الأمس: يهمنا أن يركز الإعلاميون على الجوانب الإيجابية، وأن يخففوا من التركيز الجوانب السلبية أو ما يسمى ب«الإثارة»، فمن يتحدث أو يعلق في أي مؤتمر فإنه يبدي رأيه فقط وليس رأي الجماعة، فتجد أن بعض وسائل الإعلام في جلسات بعض المؤتمرات تركز على قضية سلبية أو مثيرة، مع أن الرأي الذي تنقله تلك الوسيلة وجهة نظر لشخص واحد وليس رأيا لكل المشاركين، وقد لا يستفيد عامة الناس منها، ولذلك أتطلع أن تركز وسائل الإعلام على الأمور الواقعية العملية الإيجابية والتخفيف من التركيز على القضايا السلبية، وأرجو من «عكاظ» أن تعين في هذا الجانب». وأضاف معقبا: «ندرك أن الإعلام في تطور، وأن تأثيره كبير في الوقت الحاضر، وأن وسائل الإعلام ليست الوسائل التقليدية فحسب بل هناك إعلام حديث متسارع، ولذا لابد أن نتعامل مع هذه الوسائل بكل احترافية ومهنية وأريحية، ونأمل أن تضع المؤتمرات الجانب الإعلامي أهمية لأنه بالفعل له أهميته، وهذا المؤتمر له محور خاص عن الإعلام، وربما لن يناقش المؤتمر الحالي كل الجوانب الإعلامية، لكنه ربما يقدم توصيات ل «مؤتمر الإعلام الثاني» الذي ستنظمه الرابطة في أندونيسيا في فترة لاحقة». وبسؤاله عن تعدد قضايا الأمة ومشكلاتها في مقابل قلة أيام المؤتمر لمناقشتها، قال الدكتور التركي: «هناك ورش عمل تعقب المؤتمر، كل منها يبحث قضية معينة، سواء ما يخص الشباب، أو الفقر أو البطالة، أو العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الأمة الإسلامية، أو الطائفية، أو ما يتعلق بتدخل أعداء المسلمين في شؤون المسلمين»، مشيرا إلى أن مدة المؤتمر محدودة ولن يستطع بحث كل مشكلات الأمة الإسلامية، لكنه سيركز على الأسس والمنطلقات، ونأمل أن يكون وراءه وفيما بعده برامج وخطط في هذه البرامج التخصصية.
الأمين المساعد للرابطة: رؤية ثاقبة في كلمة الملك أكد الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي خاطب بها المشاركين في المؤتمر في افتتاحه تعبر عن رؤية ثاقبة وحكمة بليغة، وعرضت منهجا لعلاج مشكلات الأمة يعتمد على الشريعة الإسلامية، موضحا أنه انطلق من منطلق إسلامي واضح أكد فيه على ضرورة ارتباط المسلمين بدينهم ورجوعهم إليه، وأن صلاح حال الأمة ينبغي أن يكون وفق النهج الذي يرضي الله، ومرجعه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وبين الزيد أن المعاني التي طرحها الملك تؤكد للأمة أن للإصلاح مرجعية واضحة في دين الله، وأن النظم التي تتعارض معه لا يمكن أن تحقق إصلاحا، ولا تملك القدرة على حل المشكلات التي تواجه الأمة، موضحا الزيد أن الأمة تسعى إلى الإصلاح معتمدة على الحلول الإسلامية ونهج السلف الصالح، فلن يصلح حال الأمة إلا بما صلح به أولها.
مطالبة العلماء بالخروج من الأقبية .. مداخلات جلسات الأمس: عدالة النموذج الغربي ليست مطلبا للشعوب الإسلامية طرح المشاركون في مؤتمر «العالم الإسلامي.. مشكلات وحلول» في جلسات الأمس، عدة آراء متباينة ومتفقة مع ما طرحه الباحثون في تلك الجلسات كعادة المؤتمرات، فقد أوضح رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد أن المنعطفات الحادة التي تمر بالأمة تحتم على العلماء القيام بدورهم في الإصلاح والإرشاد والتوجيه والتواصل مع القادة والشعوب، مؤكدا عند ترؤسه الجلسة الثانية «الواقع والمشكلات» أمس، أن دور العلماء له صفات ومهمات خاصة ومتميزة، يمكنهم من تحقيق الإصلاح والتنسيق بين مكونات المجتمع المسلم. وشهدت تلك الجلسات ما يقرب من 50 مداخلة من قبل المشاركين، أجمع القاضي حمود الهتار والدكتور سعد الشثري والشيخ أحمد الصيفي، أن النموذج الغربي رغم ما فيه من عدالة اجتماعية فإنه ليس هو المطلب للشعوب الإسلامية، داعين إلى الاعتدال ونبذ الخلافات المذهبية التي يعاني منها العالم الإسلامي. وفي الوقت الذي قدمت فيه دعوة للعلماء لوأد الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد والأمة المسلمة، فإن المشاركون صفقوا كثيرا للداعية التونسي الشيخ عبد الفتاح مرور، عندما طالب العلماء بالخروج من ما أسماه الأقبية والظهور للعالم، ومشاركة المجتمع المسلم بدلا من القوقعة والانزواء، ودعاهم إلى توسيع الفهم الإسلامي وتحويله من مجرد عبادة إلى مشروع كبير يهدف إلى القيادة في جميع مناحي الحياة، مؤكدا أن المخطط الغربي أراد تحطيم مفهوم الأمة وتحويل الانتماء إلى الأرض وإبراز فكرة الدولة القطرية. كما أكد عديد من المشاركين أن الفساد الإداري والمالي، والتشبث بالسلطة، وغياب العدالة الاجتماعية، والتطرف الديني، والفقر، والبطالة، والظلم، كانت عوامل أدت لحدوث الفوضى في بعض الدول العربية، وهو ما ركز عليه الشيخ الصادق الغرياني من ليبيا، أما رئيس جامعة الأزهر السابق الدكتور أحمد عمر هاشم فطالب بإصدار بيان شرعي لتنبيه العالم الإسلامي على الفتن المحدقة به حتى لا تقع بقية الدول فيما وقعت فيه أخرى من فتن واقتتال. من جانبه، يؤكد مفتي فلندا الشيخ ولد حمود فدعاء العلماء بتوحيد شعوبهم ونبذ الفرقة والاختلاف، في الوقت الذي طالب فيه أمين منتدى الوسطية في الأردن الشيخ مروان الفاعوري المنظمات الإسلامية بإيجاد حلول عاجلة لما يجري في العالم الإسلامي حاليا. وفي مداخلات للشيخ عمار الطالبي والشيخ بدر القاسمي والدكتور محمود دسوقي وعبد العزيز الحصين، أوضحوا أن إصلاح الخلل في الجانب الاقتصادي، وإعطاء المسجد حجمه الطبيعي وعدم قصره على الشعائر التعبدية، إضافة إلى النقص في الدول الإسلامية في الجانب السياسي، وكأنها محرمة في الشريعة، وهو ما أدى إلى عدم فهم الواقع الذي يطرحه الشباب.