«ملعقة صغيرة بابونج ملعقة صغيرة حلبة حب ملعقة صغيرة يانسون حب إلخ، اشربها قبل الأكل بربع ساعة، أول أسبوعين ثلاث مرات في اليوم، ثم بعد ذلك حسب الحاجة»، إنها وصفة الدكتور جابر القحطاني التي تتداول بالإنترنت لعلاج القولون، ويطلب أصحابها الدعاء للدكتور، فمن هو الدكتور جابر أكاديميا ؟ هو رئيس قسم العقاقير ومدير مركز أبحاث النباتات الطبية والعطرية والسامة في جامعة الملك سعود حتى 1428ه، ومدير مركز أبحاث النباتات الطبية كلية الصيدلة، إذن نحن نتحدث عن أكاديمي وليس عطارا. والفارق بين الأكاديمي والعطار هو فارق زمني، فالطب بدأ عن طريق خبرات، وكان العلاج يتم عن طريق خلط الأعشاب للعلاج. مع الوقت تطورت الأمور وأصبح الأمر علميا، فمعظم الأدوية هي في الأصل من الأعشاب، والفارق بين الأدوية التي يصفها الأطباء وتقدمها الصيدليات وبين ما يقدمه العطارون، أن المادة التي يصفها العطار غير معقمة وغير معايرة وفيها شوائب كثيرة قد تؤدي لمضاعفات. خذوا على سبيل المثال «الجيلوكسين» الذي يعمل على هبوط القلب، هو بالأساس نبات، ولكن كيف يمكن لنا أن نحدد الجرعة التي يحتاجها المريض؟ العطار يمكن له أن يقول لك: «خذ ملعقة على الريق»، الأكاديمي يعطيك نفس المادة لكنها معقمة ومعبأة، ومعايرة بدقة بعد أن يتأكد من وزنك وقدرة جسمك، لا بطريقة «ملعقة صغيرة بابونج معلقة صغيرة حلبة حب، إلخ». بعد هذا التوضيح بين العطار والطب والصيدلة، ألا يحق لنا أن نتساءل: هل أصبحت جامعة الملك سعود للعطارة، وبدل أن تلتزم بالمعايرة الدقيقة في المختبرات المعقمة، عادت لمقاييس «ملعقة صغيرة»؟ إن كان هوس العودة للتراث أصاب الجامعة فهذا حسن، ولكن رجاء على الجامعة ألا تتوغل أكثر بالتاريخ، فما قبل العطارة كانت هناك الشعوذة والدجل في علاج البشر، ومن الظلم والمؤلم أن تتحول كلية الصيدلة إلى محل عطارة، ثم إلى الشعوذة.