لحظة فارقة فصلت بين سفر الراعي السوداني «حسين» إلى بلاده في عطلته السنوية، وبين ورطته التي انتهت بمقتل هندي على يده قبل ساعات من المغادرة، الوقائع تقول إن الراعي السوداني حصل على تأشيرة خروج وعودة بغرض زيارة أسرته وأهله ثم الرجوع إلى مقر عمله في صحراء عرعر، لكن الأحداث التي توالت بعد ذلك قذفت به إلى عمق أسوار السجن متهما في قضية قتل تستوجب القصاص، هي واقعة غريبة اجتمعت فيها المصادفة والمفاجأة والنهاية الأليمة لشاب في السادسة والعشرين من العمر بات عليه الانتظار في عنبر سجن عرعر المركزي، بعدما كان راعيا للأغنام قرابة سبع سنوات قضاها في المنطقة دون مشاكل أو نزاعات، كانت حياته البسيطة تسير على وتيرتها المعتادة قبل أن يتحول لقبه من راعي أغنام إلى قاتل. سائق «الوايت» يسترجع حسين من ذاكرته الأحداث قائلا: «حدث ذلك قبل نحو عام تقريبا، كنت عندها أرتب نفسي للسفر إلى بلدي في إجازتي السنوية، كنت أرعى أغنامي في صحراء شرقي عرعر، ورن هاتفي النقال، وكان على الطرف الآخر مخدومتي التي طلبت مني تعبئة ناقلة المياه بسبب غياب سائق «الوايت»، ذهبت إلى الموقع وأنهيت المهمة التي كلفتني بها، وعدت بالناقلة إلى المرعى بحثا عن السائق الذي وجدته في موقع آخر مع أحد معارفه»، ويضيف «كان السائق مع رفيقه وشخص ثالث من ذات الجنسية الهندية، طلبت من السائق العودة معي إلى المرعى لعدم وجود راع في غيابنا، لكن أحد الثلاثة تدخل في الحوار وطلب مني تزويده برقم هاتف مخدومتي، رفضت طلبه، وبدأ شجار بعد أن تلفظ بإساءات فيما أكتفى السائق بالمشاهدة دون أن يتدخل». المشهد المرعب ويستكمل حسين روايته «كان الشجار داميا وتمكنت من التغلب على أحدهما وأسقطته أرضا، حينها أسرعت إلى الناقلة ووجدت سوطا حادا جذبته وعدت ثانية إلى أرض المعركة، وسددت ضربة على رأس الهندي لكنها كانت قاتلة ومميتة، كان المشهد مرعبا عندما رأيت مخ خصمي يخرج من جمجمته، وأمام هول المشهد هرب الآخران وقدت أنا السيارة وهربت إلى مدينة عرعر ومنها إلى خيمة صديق لي على طريق سكاكا، وقبل أن تشرق شمس الصباح كانت السلطات الأمنية قد لحقت بي وألقت القبض علي». 200 ألف ريال ونهاية القصة تتمثل في صدور حكم قضائي بالقصاص من حسين جزاء فعلته، غير أن مساعي تولاها أهل خير مع ذوي القتيل أثمرت عن العفو مقابل دفع مبلغ 200 ألف ريال، وهو ينتظر اكتمال الإجراءات لمغادرة السجن، ويختم حسين «الحمد لله على قضاء الله وقدره، أقضي وقتي بين العمل في مغسلة السجن وتلاوة القرآن الكريم، وأسأل الله أن يسامحني وأن يغفر لي زلتي، وآمل من أهل القتيل مسامحتي والصفح عني فيما حدث مني في لحظة كان سيدها الشيطان».