غالب أهالي قرية عرعرة دموعهم طويلاً أثناء تشييع الطفل سعد بن سليم (4 أعوام) الذي قتله مدمن على المخدرات قبل يومين، لكنهم أجهشوا بالبكاء عندما رأوا والده في حال يُرثى لها. وتولى جد الطفل لوالدته مشعل حبيب (80 عاماً) حفر قبر صغير في أطراف القرية التي تبعد نحو 35 كيلومتراً شمال محافظة بلقرن ظهر أمس، وكان يردد «وددت لو فديته بروحي ومالي وكل شيء أملكه»، ثم بدأ البكاء. أما والد الطفل عائض بن فهاد بن سليم (28 عاماً) فكان فاقداً الوعي أثناء الدفن، ثم استجمع قواه وهو يسرد ل«الحياة» مأساته: «جاءني القاتل صباح السبت إلى منزلي كعادته كي أقدم له وجبة الإفطار، وأثناء ذلك رن الهاتف فأحضره لي طفلي سعد، ولأن التغطية ضعيفة في الغرفة خرجت لأكمل المكالمة لكنني سمعت صراخ والدتي وعندها عدت إلى الغرفة مسرعاً فوجدت طفلي مضرجاً بدمائه». ولفت إلى أنه غطى ولده بمعطف وأسرع به إلى مستشفى بلقرن لعدم وجود مركز رعاية صحية في قريته: «قطعت 35 كيلو متراً وطفلي ينزف بين يدي، وكتب الله أن يفارق الحياة قبل وصولنا إلى المستشفى». ولا يزال الأب المكلوم يتذكر آخر جملة سمعها من طفله قبل الجريمة: «طلب مني قطعة بسكويت فوعدته بها بعد إتمام الفطور». من جهته، اعتبر سعد الحارثي الذي أمّ أهالي القرية للصلاة على الطفل ما حدث مأساة حقيقية، مشيراً إلى أن والد القتيل يعمل راعي أغنام، وكان هدفه إكرام ضيفه الذي قتل طفله. وتابع: «سواء كان القاتل فاقداً للتركيز أو مدمناً أو مريضاً فالنتيجة واحدة، إذ إن سعداً قُتِل وهو يشاهد برامج الأطفال ويشرب الحليب»، داعياً إلى تزويد القرية بالخدمات، ولا سيما الصحية التي ربما كانت ستساعد في إنقاذ حياة سعد. ودعا عائض بن مشهور الذي كان يعمل في شرطة بيشة إلى مساعدة أسرتي الطفل القتيل والقاتل: «الأسرة الأولى منكوبة بوفاة طفلها البريء من دون أي ذنب، والثانية بقاتل طالما عانت لمعالجته من أمراضه، لكنها لم تجد من يؤازرها، وكلتاهما فقير». يذكر أن الجهات الأمنية أوقفت الجاني الذي له 8 أبناء، بعد الجريمة مباشرة بتهمة قتل الطفل.