حين تنتصف الشمس بكبد السماء في ظهيرة صيف يتوقد لهبا يحرق كل حي فيه روح تتدفق .. يأوي الناس جميعا إلى بيوتهم ليمنعوا عنهم لهب شمس لم تشخ ولم تكهل منذ أن خلقها الله وستظل إلى أن يشاء عز وجل .. تلك البيوت روعي فيها عند تنفيذها أن هناك شيئا يقال له الكهرباء !! فتنازلنا عن تراث أجدادنا القديم الذين لم يشتكوا حر السماء صيفا ولا برد الأرض شتاء .. كانوا يصممون بيوتهم لتكون عليهم في الصيف بردا وسلاما ولتكون لهم في الشتاء دفئا وحنانا .. لم يشتكوا أحدا ولم يتذمروا أبدا .. تعاملوا مع الطبيعة بالطبيعة فنجوا واستكانوا واطمأنوا .. ونحن تعاملنا مع الطبيعة بالصناعة وأسسنا للكهرباء شركة تنظم أمرها وعلى إثر ذلك ولثقتنا العمياء الشديدة ولسذاجتنا العتيدة المتأصلة بدواخلنا تنازلنا عن إرثنا التراثي فخسرنا القديم والحديث وكانت النتيجة أن تنقطع الكهرباء والشمس على رؤوسنا تتعامد فنحترق حتى نكاد نكون لحما مشويا وحين تتجافى الشمس جانبا نكاد أن نتحول قوالب ثلج ومثلجات .. وحين أكتب الآن ما أكتب فإنما عباراتي تخرج من صميم قلب محترق أحرق جسد صاحبه النحيل أرض تتوقد وشمس تتوهج وشركة كهرباء لا تعير معاناتنا اهتماما. محسن موسى طوهري جازان