ما حدث للطفل سامر الذي صعقته كهرباء عمود إنارة أمر متوقع حذرنا منه كثيرا منذ سنوات، أذكر أنني نشرت في جريدة الرياض منذ أكثر من عشر سنوات تحقيقا مصورا عن أسلاك الكهرباء العارية في شوارعنا وأرصفتنا وداخل الحارات وبعضها كان قريبا من مصادر مياه، ونحن نعلم جيدا أن الكهرباء إذا تحالفت مع الماء تضاعف خطرها على الضحية، لكننا لم نستفد من هذه المعلومة إلا في ضم الماء والكهرباء في وزارة واحدة صعقت الناس بالانقطاعات وسوء الخدمة والرقابة، ثم في ضم فاتورة الماء إلى فاتورة الكهرباء لتصرع المشترك من أول لمسة، عموما ما حدث للطفل سامر أعان الله والديه أمر متوقع لو كان صعق من عمود كهرباء في الحارة أو الشارع أي عمود سائب مهمل (يعني عمود همل على وزن كلب همل) والكلب المهمل السائب إذا عض فلا غرابة، لكن العمود ذا الأسلاك العارية الذي صعق الطفل سامر كان عمودا أليفا تربى في موقع احتفالات ترفيهية يتبع لأمانة المدينةالمنورة يفترض أن هذا العمود تحديدا تعرض للفحص وأخذ الاحتياطات اللازمة كون المكان سوف يكتظ بالعائلات والأطفال، لكن الفحص واحتياطات السلامة والتأكد من أمان المكان لم يحدث منها شيء وما حدث هو أن تحذير الجميع والانتباه لعمود الإنارة مكشوف الأسلاك كان ثمنه طفل يصرخ مصعوقا وينتهي به الأمر في العناية المركزة وفي حالة خطرة. سامر وحسب تصريح خاله لعكاظ لم ينبه الناس والدفاع المدني فقط بل إن أول من تنبه هو المسؤول عن هذا الإهمال فبادر منذ ساعات الصباح الباكر لتغطية العمود وإزالة أسباب صعق الطفل وكأن شيئا لم يكن لولا وجود ضحية يرقد في المستشفى كشاهد وأخشى أن تنفي الجهة المسؤولة أن يكون الطفل قد صعق في موقع الاحتفال لأن جماعتنا للأسف يجيدون نفي الحدث بدلا من إجادة نفي العوامل المؤدية إلى حدوثه لمنع وقوع الضرر. أتدرون ما هو أصل مشكلة مثل تلك التي وقعت لسامر أثناء حفل أو مهرجان سياحي؟!، أصل المشكلة يا سادة يا كرام أن أمانات المدن توكل تنظيم مثل هذه النشاطات لمؤسسة محلية غير متخصصة كل ما تملكه هو عدد من العمالة الرخيصة يتم توجيههم بعبارة (سوي هذا مكان كويس عشان ولد) ولا يحدد لهم هذا الولد يجب أن يبقى حيا أو يموت، ولدينا مشكلة قديمة مع معايير السلامة منذ أن كانت أنشودة سلامتك.. سلامتك.. نود لك سلامتك يرددها التلفزيون وواقعنا يردد نود لك نهايتك. www.alehaidib.com