مع استمرار أزمة الشعير في عدد من المناطق، ورغم الإعلان عن وصول آلاف من الأطنان إلى موانئ المملكة، يتساءل المواطنون أين تذهب هذه الكميات التي يعلن عن وصولها، وأي طريق تسلك للوصول إلى مستحقيها؟. «عكاظ» عاينت على الواقع آليات توزيع الشعير من الدمام إلى جدة. تمثل الطوابير الطويلة الممتدة على مسافات طويلة من الجهات الأربع لمحطة توزيع الشعير في ميناء الملك عبد العزيز في الدمام إضافة إلى عشرات المواطنين المصطفين أمام شباك التوزيع داخل المحطة، صورة حقيقية لحجم المعاناة التي تواجه الموزعين و المواطنين؛ من أجل الحصول على كمية من الشعير، الذي أصبح عملة نادرة يصعب الحصول عليها، الأمر الذي دفع البعض للوقوف في الطوابير منذ 20 يوما تقريبا. ولعل تواجد الدوريات الأمنية بكثافة في المكان يعطي دلالة على المشاكل التي حدثت في الأيام الماضية، بين المواطنين والموزعين ومسوؤلي المحطة، ما فرض التواجد لتنظيم عمليات التحميل للحيلولة دون خروج الأمر عن السيطرة. واشتكى الموزعون و المواطنون ل «عكاظ» من الآلية المتبعة في عملية تحميل الحصص المقررة، ففي الوقت الذي أكد موزعون تقليص الحصص المقررة بأكثر من 90 في المائة لتصل إلى شاحنة واحدة مقابل 7 شاحنات يوميا، قال آخرون إن الشاحنات في انتظار دورها منذ أسبوع، بينما طالب أصحاب الماشية بضرورة إعادة النظر في قرار حصر التحميل على الموزعين واستبعادهم من الحصول على الشعير، لاسيما وأن الماشية تعاني كثيرا من ندرة الشعير في المراعي. وقال محيى الدوسري إنه ينتظر دوره منذ 20 يوما دون الحصول على كمية لتغذية مواشيه مؤكدا، أن آلية توزيع الشعير يكتنفها الغموض، خصوصا أن هناك بطئا شديدا في طريقة تحميل الشاحنات. وأوضح سليمان السلطان أنه لم يستلم أي كمية من الشعير منذ 4 رجب الماضي، مضيفا، أن الوعود التي يتلقاها أصحاب الماشية كثيرة وبدون نتائج ملموسة على الأرض، متهما، البعض بممارسات غير مشروعة من خلال القيام بشراء الشعير بسعر أعلى، مؤكدا وجود تلاعب واضح في عمليات توزيع الشعير. فيما طالب سعد الشمري بزيادة عدد محطات توزيع الشعير من أجل القضاء على الأزمة الحالية، داعيا الجهات المختصة بممارسة دور رقابي صارم للقضاء على عمليات التلاعب الحاصلة في عمليات توزيع الشعير. وذكر فهاد السبيعي (موزع) أن شاحناته تنتظر دورها لاستلام الكميات المخصصة منذ 5 أيام، دون القدرة على الحصول على جزء من الحصة المعتمدة، مشيرا إلى أن الشركة الموردة قلصت الكميات إلى شاحنة واحدة مقابل 7 شاحنات يوميا سابقا. وأوضح راشد القحطاني (موزع) أن النعيرية تعاني كثيرا من نقص الشعير، الأمر الذي يفسر الطوابير الطويلة التي تتجاوز 300 سيارة صغيرة تنتظر دورها منذ أسبوع تقريبا، و تساءل سعد الهزاع (موزع) عن مصير الكميات التي تم الإعلان عنها خلال الأيام الماضية و البالغة 300 ألف طن. وفي جدة طالب مواطنون ومختصون الجهات المعنية بإعادة النظر في آلية التوزيع، وذكروا أن طريقة التوزيع الحالية تشوبها ثغرات كبيرة حيث إن بعض مصانع الأعلاف ومستوردي المواشي يبيعون الشعير، الذي يحصلون عليه بدعم حكومي، في السوق السوداء. وأكد الخبير الزراعي الدكتور محمد حبيب البخاري أن الوضع سيئ جدا بالنسبة إلى التوزيع، وحسب تحليلي أعتقد مشكلة الشعير هي في التوزيع غير العادل إذ أن بعض المشاريع تحصل على 1.5 مليون طن، ومصانع الأعلاف تحصل على 1.5 مليون طن مدعوم، ومستوردي المواشي الذين يحصلون على نصيبهم بحجة أن لديهم مواش في السفن وتحتاج إلى شعير، ويقدر ما يحصلون عليه بحوالى مليون طن، ثم يبيعون المواشي، ليستغلوا بعدها الشعير المدعوم الذي اشتروه من خلال بيعه في السوق السوداء، لأن ليس لديهم حيوانات وهي مباعة أساسا، وبذلك يكون قد صرف حوالى 4 ملايين طن شعير لثلاثة أوجه لا يستحقونها، والأولى أن تكون من نصيب مربيي المواشي الذين يقفون في طوابير بالساعات للحصول على 10 أكياس شعير، في حين تذهب بقية الكمية والتي تقدر بحوالى 3 ملايين طن للسماسرة والموزعين ويتم التحكم فيها لتوزيعها على المواطنين.